THF Admin
عدد الرسائل : 4613 تاريخ الميلاد : 11/10/1984 العمر : 40 البلد و المدينة : Algeria - Bouira - Palistro العمل/الترفيه : Maintenance system informatique - MSI المزاج : في قمة السعادة السٌّمعَة : 5 نقاط : 2147483647 تاريخ التسجيل : 16/08/2008
| موضوع: الترجمة.. إثراء للثقافات ونافذة على الآخر الإثنين أكتوبر 20, 2008 6:22 pm | |
| الترجمة.. إثراء للثقافات ونافذة على الآخر د. محمد أحمد صالح حسين يضع الباحثون تعريفات عديدة ومتنوعة للترجمة، تتفق والزاوية التي ينظرون إليها منها والأهداف والمقاصد المنوط بها تحقيقها، فالترجمة "تعبر عن منظور وغايات من يقوم بها". والترجمة في معناها القريب والمباشر والأولي هي نقل من لغة إلى لغة بدقة وأمانة، وهي أيضا علم باللغتين المنقول منها والناقلة، ومعرفة بالمادة التي تشكل موضوع الترجمة واشتغال المترجم. والترجمة بهذا الشكل تعني قراءة لنص بغير لغته. وكل قراءة بناء. فهي إذن وللغتها الخاصة، إعادة بناء نص سجل نفسه على نحو مغاير ومختلف. من هنا تصبح الأعمال المترجمة "جزءا من الثقافة المستقبلة، وذلك بعد أن تنتقل من اللغة المصدر، لغتها الأصلية، إلى اللغة الهدف". ومع تحول الترجمة إلى علم يتمتع بالمنهجية والاستقلالية، بعد أن كانت محاولات فردية أو جماعية، بات هذا العلم يبحث في الأنظمة والبنى والأنساق والسياقات اللغوية والإشارية، بالإضافة إلى اشتغاله بعلوم أخرى متممة له ومكملة مثل: علم الاشتقاق وعلم التركيب وعلم المصطلح، فضلا عن علم الخطاب التواصلي، الذي يمثل عماد الترجمة الفورية، وعلم الخطاب الأدبي وغير ذلك من العلوم. الترجمة في معناها البسيط أيضا هي تفاعل متصل ونشط بين مجتمعات وحضارات مختلفة، لتمثل صلة مباشرة بين الحضارات لجميع مجالات المعرفة في العلوم الإنسانية. لهذا أصبحت الترجمة عنصرا أساسيا في التعامل بين الشعوب والحضارات، ونافذة على تراث الأمم ونتاجها الفكري ومجمل نشاطها الإنساني، تنقله وتقتبسه وتنشره وتوطنه وفق احتياجاتها المعرفية والحضارية والتقنية والاقتصادية والسياسية. والترجمة بهذا المعنى تعني انفتاح البشر على بعضهم: علما وثقافة وأدبا وفلسفة وفكرا ودينا. وهي من هذا المنظور تساعد على تواصل البشر بعضهم مع بعض، وتساهم في بناء حضارة الإنسان. ولهذا تدل الترجمة على المستوى الحضاري وعمق الانفتاح الفكري والثقافي الذي تبلغه أمة من الأمم، وتدل أيضا على حيوية المجتمعات وتفاعلها مع ما يجري في مناطق أخرى في العالم، خاصة أن العالم يعيش في عصر صار فيه تعارف الأمم وإدراكها لحضارات وثقافات وطرح تفكير بعضها البعض أمرا ضروريا ومهما أكثر من ذي قبل. من هنا أبدت منظمة الأمم المتحدة- كما يشير سعيد إبراهيم عبد الواحد- اهتماما بهذا الشأن، فأنشأت مدرسة للترجمة في فيينا بالنمسا. وعلى المستوى الاجتماعي ينظر إلى الترجمة على أنها نشاط اجتماعي لا ستيعاب وفهم المعرفة المطلوب توظيفها في النشاط المادي والمعنوي، أي الإنتاج الثقافي والعلمي، لدفع الحراك الاجتماعي وإعادة هيكلة بنية المجتمع ووعيه. فالترجمة على هذا المستوى تعبر عن قوة المجتمع في استيعاب أكبر قدر يعينه باختيار وإرادته من حصاد المعارف الإنسانية والفنون. لذا باتت الترجمة ضرورة قياسا إلى التقدم العلمي المذهل الذي تنعم به البشرية، خاصة مع وجود وسائل اتصال قوية وفورية سهلت تقارب الشعوب وتواصلها. وهي بهذا تمثل الرابط بين الثقافة المحلية بتيارات الثقافة العالمية. فلقد لعبت الترجمات دورا مهما في نهوض المجتمعات على مر الحقب التاريخية المختلفة. فالترجمة حركة أخذ وعطاء، وحركة تبادل في جميع المجالات، تتيح اللقاء بين الثقافات والتفاعل بينهما، وينتج عنها أن يشارك بعضها البعض في الاكتشافات العلمية والتكنولوجية والتراث الثقافي الإنساني. أي أن الترجمة، كنشاط اجتماعي، غدت أداة المجتمع للتعامل مع الجديد في العلوم والفنون والإنسانيات. وتمثل عاملا أساسيا- ضمن مجموعة عوامل متكاملة- للتقدم الحضاري. فهي أداة الأمة على صعيد المنافسة الحضارية لتكون سابقة في العصر وأيضا مرجعا للثقافة العالمية تنهل منها الأمم الأخرى.
| |
|