THF Admin
عدد الرسائل : 4613 تاريخ الميلاد : 11/10/1984 العمر : 40 البلد و المدينة : Algeria - Bouira - Palistro العمل/الترفيه : Maintenance system informatique - MSI المزاج : في قمة السعادة السٌّمعَة : 5 نقاط : 2147483647 تاريخ التسجيل : 16/08/2008
| موضوع: كيف نقدم الإسلام للغرب..؟؟ الثلاثاء سبتمبر 30, 2008 3:07 pm | |
| كيف نقدم الإسلام للغرب..؟؟ ما هو التقديم؟ ** التقديم" يعني "التعريف"؛ أي معرفة المفهوم أو المصطلح من حيث أبعاده وسماته الظاهرة ومضمونه وأعماقه الباطنة، وتجسداته في الواقع. وقد تخضع المتجسدات لسنن التغير وأحوال وظروف التطبيق. والإسلام -كما أُنزل- له أبعاده العبادية في أركانه الخمسة، ومضمونه التشريعي في استخلاف الإنسان لإعمار الأرض وإدارة شؤون الحياة بكل مقوماتها الاقتصادية والاجتماعية والسياسية والثقافية، وأعماقه الروحية التي تهذب النفس وتشحذ العقل والفكر. ويؤول ذلك كله إلى منظومة حضارية تجعل لنوعية الحياة وأسلوبها سمتًا خاصًّا يؤكد التواصل بين حياة الدنيا وأبدية الآخرة. * وما هو الغرب؟ ** الغرب نعني به ممارسات حضارية حديثة لها جذورها في حضارتي اليونان والرومان القديمتين، وتراثًا مسيحيًّا كهنوتيًّا وحروبًا صليبية، ونهضة علمية وتقنية متقدمة، وتوسعًا استعماريًّا قديمًا ونظامًا عالميًّا للهيمنة حديثًا، يعتمد على الاستغلال الرأسمالي وأوهام عنصرية، وإفراز مغلوط لمسيحية صهيونية، وأحلام باستمرار الرفاهية على حساب الشعوب الأخرى وثرواتها. وإعلاء قيم الحرية والديمقراطية وحقوق الإنسان بين ذويه، وإهدارها عند الآخرين طبقا لمصالحه الاقتصادية والسياسية. كما أن الغرب يعني التميز بأسلوب حياة يجمع بين النقيضين؛ الالتزام في ممارسات العمل والانضباط القانوني، والتحرر المفرط في أخلاقيات السلوك الاجتماعي؛ وهو ما أدى إلى مزيد من الفوضى الاجتماعية، والانحلال الأخلاقي، وارتفاع مقلق لمعدلات الجريمة والانتحار، والتخريب في أنماط الحياة الأسرية؛ بدعوى التحرر والانطلاق من قيود الفطرة الإنسانية للعلاقة بين الجنسين. * وماذا يعني الشرق؟ ** الشرق الإسلامي المعاصر: ونعني به كافة المجتمعات الإسلامية الواقعة في المشرق الآسيوي الأفريقي الذي يحتوي على ثلث سكان العالم تقريبًا، وانتشر فيهم الإسلام منطلقًا من المشرق العربي الذي تمتع بظلال الحضارة الإسلامية منذ نشأتها حتى أوج اعتلائها قمة الحضارات الإنسانية بعد تعميق ثوابت العقيدة الإسلامية، والأخذ بأسباب المعارف والعلوم وتأصيل قواعد المنهج العلمي التجريبي الذي تأسست عليه فيما بعد أسس النهضة الأوروبية في العلوم وكثير من المعارف الإنسانية؛ إلا أن التناقضات لم يفلت منه أهل الحضارة الإسلامية منذ أن أساء أغلب التابعين من الخلفاء والحكام مفاهيم الحرية والعدالة والثورة؛ وذلك بعدا عن الالتزام بمضمون الشريعة وروح الإسلام في كفالة حرية الكلمة السياسية وعدم احتكار وتوارث السلطة والتفريط في الممارسة الحقيقية للشورى الملزمة؛ وهو ما أدى إلى التفريط في مبادئ وثوابت العقيدة التي تعزز مستلزمات التوحيد لله سبحانه وتعالى. * بين حضارتين.. ما موقفنا؟ ** على هدي ما سبق نجد أننا إزاء عالميْن وحضارتيْن فيهما سمات مشتركة بحكم انتماء كل من فيهما إلى الإنسانية؛ فطرتها ومصادر الحياة الكونية والمعرفية وبعض المصالح الاقتصادية، وأخرى سمات متباينة بحكم الاختلافات التاريخية والبيئية الجغرافية والسياسية والثقافية والدينية ومستويات التنمية المتقدمة والأخرى المتخلفة، ويبلور ذلك كله المفارقات الكائنة في نوعية وأساليب الحياة. وغني عن البيان أن نوعية الحياة في الغرب قد ارتبطت أساليبها بوحشية النظام الإنتاجي الرأسمالي، وضرورة ضمان أسواق له في شتى بقاع العالم، وابتداع نظام الشركات المتعددة الجنسية وحمايتها بكل السبل، إلى درجة تبرير التدخل العسكري السافر. وأخيرًا قهر الدول للانضمام إلى اتفاقية الجات التي ستؤول فوائدها بشكل جوهري إلى الدول الأكثر تقدمًا على حساب الأخرى المتخلفة والأقل نموا. والسؤال الذي يفرض نفسه بالضرورة: كيف يمكن تقديم الإسلام للغرب في ظل ما سبق عليه القول؟ والشقة بين الحضارتين بعيدة، وأسباب ابتعادها تكمن في تضارب المصالح أولا، وفي الصورة الذهنية المشوهة عن الإسلام بفعل كثير من المفكرين والمستشرقين ثانيًا، وخبرات الشعور بالعداوة التاريخية الصليبية ثالثا، وسلوكيات مخالفة للإسلام وروحه بين المجتمعات الإسلامية ودولها وحكامها رابعًا، وأخيرًا –وليس آخرًا- الفتنة الصهيونية الكبرى حاليا بما تحمله من تدابير وموجات هجوم إعلامية مستمرة لا تهدأ، ولا يقابلها بالمثل على الأقل تيارات إعلامية عربية إسلامية مضادة تكشف زيف المسيحية الصهيونية، وتصحح مفاهيم الغرب عن الإسلام. هنا تبرز بالضرورة أهمية تصحيح الصورة الذهنية لدى الغرب عن الإسلام. ولكن يسبق ذلك -في رأيي- تصحيح المفاهيم الأساسية في العالم العربي الإسلامي، وتنقية التراث من شوائب الغلو، والاتجاه نحو الوسطية والاعتدال "وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا"، والسير قُدما نحو تحقيق دعائم الاستخلاف وتنمية المجتمعات العربية الإسلامية، والأخذ بأسباب القوة بالتقدم المعرفي والعلمي والتقني، وتطوير المنظومة التربوية والتعليمية في إطارها الإيماني. خلاصة القول أن الإسلام بقيمه الإنسانية في العدل والحرية والمساواة يجب أن ينعكس في ضروب السلوك الاجتماعية والسياسية لدى الشعوب والحكام. وهذا هو السبيل الموضوعي لقناعة الآخر بإنسانية وعالمية الإسلام وجدوى حضارته. وحتى يتحقق ذلك فلا يخلو الأمر من أهمية الدراسة والبحث والتخطيط المحكم لتنشيط حركة الدبلوماسية الاجتماعية والشعبية ومنظمات المجتمع المدني على المستويات الإقليمية والدولية، وتوثيق الروابط والخبرات بين الشخصيات والمنظمات الثقافية والجامعية في الغرب والشرق. وهذا كله وغيره لا يغني عن جهود مستمرة لتطوير السياسة الإعلامية الفضائية، ووضع منهجية ملائمة للخطاب الإسلامي الموجَّه للشعوب الغربية والآسيوية والأفريقية وغيرها، وإن كان الأمر المُلِحّ في الوقت الراهن هو التركيز بهذه الجهود في العالم الغربي الذي احتدَّت فيه نغمة التخوف من الإسلام وأهله، وتحامل فيه منظروه ومفكروه على كل ما ينبثق من العالم العربي الإسلامي من تيارات فكرية وحركات إسلامية تبغي تثبيت الهوية الإسلامية، وتسعى للتحرر الوطني والتنمية المتواصلة نحو الحياة الطيبة التي تجمع بين حسنات الدنيا والآخرة. | |
|