إرهاق المراهق

موضوع: إرهاق المراهق الأحد سبتمبر 04, 2011 2:34 pm

إرهاق المراهق
إرهاق المراهق 1305207707

* د. فوزية الدريع
قبل عامين من البلوغ، تبدأ الغدد الجنسية بالضخ التدريجي، إستعداداً لتحويل الطفل إلى مراهق، أو مراهقة.
بالطبع، علمياً ندرك أنّ البنت تتفاعل جسدياً مع هرموناتها بشكل أسرع من
الولد. لذا، تطول قامتها أسرع منه وهما في العمر نفسه، وتظهر إستدارات
جسمها أكثر، وتكثر لديها الشحوم، ثمّ يلحقها الولد.
نحن نعرف كل التعبيرات الجسدية، وهي عادية. لكننا نحتاج أن نعرف حقيقة ما يعانيه المراهق نفسياً من جراء البلوغ.
كثير من الأهل يظنون أنّ التغيرات عند المراهق هي تغيُّرات جسدية وحسب
ويريدونه أن يصبح، وبسرعة، ناضجاً، وهذا مطلب ساذج، لأنّ البنت والولد في
مرحلة المراهقة يسبق نمو جسديهما النمو العاطفي والعقلي. وحين يعاملهما
الأهل بقدر من النضج، فإنّهما يتوتران، لأنّهما من الداخل مازالا غير
ناضجين.
لكن الهرمونات لديها طاقة فيها عاطفة قوية، غالباً ما تظهر على شكل عدائية،
لذا، فكثير من الأهل يشتكون من عدوانية البنت أو الولد المراهق، ويعبرون
عن ذلك بقولهم، "لا يسمع الكلام"، "لا يحترم أحداً"، "قليل الأدب"،
"عدواني".. إلخ. وغالباً، يحدث هذا الأمر من حالة القلق والضغط التي تفرض
على المراهق.
ثمّ إنّ هذا النضج يعني حالة إنفصال عن الأهل. والأهل، بكل أسف، يمارسون
قدراً كبيراً من التناقض يشوش المراهق. فهم يريدون أن يصبح الولد أو البنت
ناضجين، وفي الوقت ذاته يضغطون عليهما ليتصرفا معهم كناضجين، وهم صغار. فهم
يريدونهما أن يسمعا الكلام. ومع الضغط الحاصل داخله بفعل التغييرات
الهرمونية من جهة، وضغط أهله من جهة ثانية، قد ينجر المراهق صارخاً فيهم.
والواقع، أنّ هناك حالة إنفصال فطرية هي نتيجة النضج الحاصل عند المراهقين
في شخصيتهم، التي قضوها في طاعة أهلهم: يأكلون، يشربون ويطبقون ما يريد
الكبار. أنّهم الآن كبار، لهم رأي في كل شيء، وهذا الرأي غالباً يكون
مخالفاً للأهل. أمّا لماذا هذا الإختلاف، فالأمر يعود إلى ميلهم للشعور
بأنّهم مختلفون، أو لأن فطرة الحياة أن كل جيل يختلف عن الذي قبله.
لكن النقطة الأهم، والتي يدور عليها الخلاف، هي الحب والحرِّية الجنسية.
فالمراهق يجد نفسه، غصباً عنه، يملك قلباً ينبض لطرف أو أطراف من الجنس
الآخر، ويجد جسده سريع الإثارة حين رؤية الجنس الآخر، أو من تلقاء نفسه.
تلك الأحلام البريئة ما عادت بريئة. وكل هذا الخضم من العواطف والرغبات
يشوش المراهق ويرهقه ويحرجه في معظم الأحيان. فالولد يحرج من قذفه
والإحتلام الذي قد يظهر في فراشه وملابسه الداخلية. والبنت حيضها وفوطها
النسائية تحرجها. أضف إلى ذلك، هناك الخيال الجنسي الذي قد لا يستطيع أن
يقاومه المراهقون، لأنّه وسيلة تنفيس بلا تطبيق. ومع أنّ الأمر يكون بين
المراهق ونفسه، لكن البنت والولد عرضة أيضاً للتغرير بهما من قبل من هم في
مثل عمرهما أو أكبر منهما. وهذا التغرير قد يخلق ورطة فقدان العذرية،
والحمل، والتجريب المثلي وغيرها.
وليس أمامنا حيال ذلك إلا الصبر، ومراقبة أبنائنا المراهقين، ومحاولة جعل المرحلة المرهقة تمر بأقل الأضرار.

الإعياء المزمن عند المراهقين

ليس
غريبا على المراهقين التّغيب عن المدرسة لمدّة يومٍ أو اثنين عند شعورهم
بالتوعّك، ولكن في حالاتٍ قليلة قد تستمر الأعراض المُنهِكة كآلام المفاصل
والإرهاق.

تم نشر إحصائية جديدة في مجلة Pediatrics تشير إلى أنّ
متلازمة الإعياء المزمن تُشَخَّص عند حوالي 1 من كل 900 مراهق، وبالرغم من
ندرة هذه الحالة بين المراهقين إلّا أنها ذات تأثير خطير حيث أن حوالي 90%
من المراهقين الذين تم تشخيص المرض لديهم تغيّبوا لفترات من المدرسة في
الشهور الستّة السابقة لتشخيص المرض، وبعضهم لم يحضر للمدرسة أبداً في تلك
الفترة.

يشعر الأشخاص المحيطين بالمريض بهذا التأثير أكثر من المريض
نفسه حسب ما أشارت الدّكتورة Katharine Rimes - التي لم تشترك في الدراسة –
في قولها: " يمكن أن يكون للتغيب عن المدرسة لفترات طويلة تأثيرات عميقة
على تطورهم العاطفي والاجتماعي والثقافي، وله أيضا تأثير خطير على العائلة.
إذا بقي الطفل خارج المدرسة فيجب أن يبقى أحد الوالدين – عادة ما تكون
الأمّ - في البيت للاهتمام به، كما قد يتوجب عليها في أغلب الأحيان ترك
عملها، مما قد أن يكون له تأثيرات مالية و نفسية سلبية."

متلازمة
الإعياء المزمن هي عبارة عن مرض طويل الأمد يتميز بإعياء جسمي وعقلي شديد
بالإضافة إلى ألم في العضلات والمفاصل ومشاكل بالتركيز و الذاكرة والنوم.
ليس هناك علاج لهذه الحالة من الضعف، في حين لم يُحدّد العلماء أسبابه بعد
وفقاً لمركز التحكم بالأمراض والوقاية منها.

قام الدكتور Sanne
Nijhof المركز الطبي الجامعي في مدينة أوتريخت (Utrecht) في هولندا
بالتعاون مع فريقٍ من زُملائه بإرسال استبيانٍ إلى مجموعةٍ من الأطباء، و
قاموا باستعراض السجلات الوطنية لاضطرابات الأطفال ثم أرسلوا التقارير إلى
المرضى المصابين بمتلازمة الإعياء المزمن.

بالاستناد إلى تقارير
الأطباء قدر الباحثون أنّ المرض تم تشخيصه لدى 111 مراهق من 100000 مراهق
أي ما يعادل 0.11%. في حين أظهرت السجلات الوطنية أنّ المرض يتم تشخيصه لدى
12 من كل 100000 مراهق أو ما يعادل 0.012%.

كانت نتائج تلك
التقديرات أقل من التقديرات عند البالغين. حددت دراسة هولندية معدل
الانتشار بين البالغين بـ1%. يقدر عدد المصابين بمتلازمة الإعياء المزمن في
الولايات المتحدة بما لا يقل عن مليون بالغ. إنّ 80% بالمائة من الأشخاص
الذين تم تحديد المرض لديهم من خلال دراسات لم يكن المرض قد شُخِّصَ لديهم.
من الصعب وضع تقدير دقيق لأن الدراسات تستخدم معايير و مقاييس مختلفة من
أجل متلازمة الإعياء المزمن.

وجد باحثون في التقرير الجديد أن معظم
المرضى المراهقين كانوا بعمر 15 سنة وسطياً عند بداية متلازمة الإعياء
المزمن كان نصفهم يعاني من الأعراض لمدة لا تقل عن 17 شهر قبل أن يتم
تشخيصهم. إن احتمال حدوث متلازمة الإعياء المزمن عند الإناث يزيد بمقدار
خمس مرات على الذكور.

و لكنّ المشكلة هي أنّ هذه الحالة شديدة
الندرة إلى حدّ أنّها غالباً ما لا يتم تشخيصها، و شدد الباحثون على هذه
المشكلة حيثُ يبدو أنّ متلازمة الإعياء المزمن صعبة التحديد من قبل أطباء
الرعاية الأولية، حيث أنّ نصف الأطباء العامين الذين شاركوا في الدراسة
قالوا أنّهم وافقوا على قبول متلازمة الإعياء المزمن كتشخيص مستقل، مقابل
96 % من أطباء الأطفال الذين تم استُشيروا أثناء الدراسة، كما أن حوالي 75 %
من المراهقين المصابين بمتلازمة الإعياء المزمن لم يتم تشخيصهم من قبل
الطبيب العام.