THF Admin
عدد الرسائل : 4613 تاريخ الميلاد : 11/10/1984 العمر : 40 البلد و المدينة : Algeria - Bouira - Palistro العمل/الترفيه : Maintenance system informatique - MSI المزاج : في قمة السعادة السٌّمعَة : 5 نقاط : 2147483647 تاريخ التسجيل : 16/08/2008
| موضوع: رسالة إلى الشباب في الأعياد الخميس سبتمبر 01, 2011 12:15 am | |
| رسالة إلى الشباب في الأعياد
* د. سمير يونس عطاؤهما بلا حدود.. يعطيان دون انتظار مقابل.. يحملان همومك دائماً، ويدعوان لك.. يشاركانك أحلامك وطموحاتك.. يأخذان من ابتساماتهما ويرسمانها على شفتيك.. يقرءان عينيك قبل أن يسمعا كلماتك، يجعلان من أذنيهما ملاذاً لبث همومك ومشكلاتك، وعندهما تجد راحتك، وحلولاً لمشكلاتك، وتفريجاً لكرباتك.. يمسحان دموعك إن انحدرت من عينيك على خديك.. يوجهانك إن ضللت الطريق.. أنت في عينيهما عظيم وناجح حتى في لحظات ضعفك ومواقف فشلك.. يحنوان عليك عندما تقسو على نفسك.. يأخذان من روحيهما ويعطيانك.. يكرمانك دائماً برغم بخلك عليهما.. هل عرفتهما عزيزي القارئ؟ إن لم تكن عرفتهما فسوف تعرفهما من خلال السطور القليلة القادمة.. التي تسطر مواقف حقيقية من الحياة. وضعتُ في خطة زياراتي أن أزور بعض أصدقائي وزملاء دراستي الذين انقطعت عني أخبارهم منذ سنين.. خرجت من بيتي متوجهاً إلى زميل دراسة، وكانت بيننا منافسة شريفة في التفوق الدراسي، وعندما نظرت إلى البيت تحركت في وجداني مشاعر وذكريات عبرت ومضت، لكنها لا تزال محفورة في النفس، طرقت الباب وكلي شوق للقاء زميلي، وإذ بامرأة عجوز تفتح الباب، تبدو على وجهها علامات الأسى والحزن والألم، ورحبت بي، فسألتها عن ابنها أسامة. فقالت: تفضل يا بني، أنا أم أسامة، ووالده موجود بالبيت. ثم سألتني: هل أنت صديق أسامة؟ قلت: نعم. فقالت: هل أرسل معك شيئاً لي ولوالده؟ قلت: لا، جئت لأسأل عنه؛ لأنني لم أره منذ سنين عديدة. فسألتني: ألم تأت من بريطانيا من عنده؟ فأجبتها: لا. نادت أم أسامة على زوجها، وقالت: يا أبا أسامة، صديق أسامة أتى لزيارتنا.. رحب بي والد أسامة، وحاورني، وتعرف عليَّ، وسألته: كيف حالكم وحال أسامة؟ فأجاب: يا بني، أنا وأم أسامة غريبان في مسقط رأسينا، لا يعرفنا أحد، ولا نعرف أحداً... وأسامة هو ابننا الوحيد، وقد سافر منذ خمس سنوات للدراسة والعمل في بريطانيا، ولا نعرف عنه شيئاً. سألته: ألا يهاتفكما أو يراسلكما؟ فأجاب: في العام مرة أو مرتين، ويخاطبنا معجلاً باللغة الأجنبية وكأننا أجانب!! لقد فقد لغته العربية وهويته وثوابته التربوية.. لقد ضاع أسامة منا يا ولدي.. كرر الوالد الجملة الأخيرة مرات عدة، والدموع تنهمر من عينيه حزناً على حرمانه من ابنه الذي ربّاه ليكون سنده في الشيخوخة والكبر، فقابل ذلك بالعقوق والجحود وقطيعة الرحم. سيطرت عليَّ مشاعر الحسرة والحزن والألم، مشفقاً على الأب المكلوم والأم الحزينة الضعيفة، ثم دعوت لزميلي بالهداية، وأن يرزقه الله الوفاء، وأن يجعله باراً بوالديه، وأن يفرج همَّ والديه.. ثم حاولت أن أخفف من آلامهما، وطلبت منهما الدعاء له، وما إن دعوتهما للدعاء لولدهما إلا واستجابا بسرعة، وبقلب منفتح!! فما أعجب حنان الوالدين!! خرجت من زيارتي هذه متوجهاً لزيارة زميل آخر، وطرقت الباب، فإذا بأمه – وهي تعرفني من طفولتي – تسألني: من أنت؟ فأخبرتها. فقالت: تسأل عن ابني كامل؟ قلت: نعم. قالت: لقد تزوج في الصيف الماضي، ولم يبق في البيت غيري بعد وفاة عمك محمود!! قلت في نفسي: هذه الأم تجاوزت السبعين خريفاً، ولو كانت أمي ما تركتها هكذا، لقد كان "كامل" هذا هو ابنها الوحيد، وقد ربته على العز والنعيم، وكان دائماً متميزاً بيننا بملبسه الفاخر ومصروفه المشبع، فقلت في نفسي: سبحان ربي!! ماذا حدث في الدنيا؟! عدت إلى بيتي بعد هاتين الجولتين حزيناً، فلا أنا رأيت من تمنيت لقاءهما، ولا أنا سمعت عنهما أخباراً تسرني. وما إن دخلت بيتي إلا ونادتني ابنة أخي: خالتك فلانة تريد أن تسلم عليك وتتحدث معك، فقلت لها: اصطحبيها وتفضلا، فلما جاءت الخالة، سألتني: ألم تتصل بكم ابنتي فلانة؟ قلت: لا، لم تتصل يا خالة، قالت: تعلم يا بني أنني ليس لي في الدنيا إلا هي وأخوها أحمد، أما هي فقد تزوجت وسافرت مع زوجها، ومنذ أن سافرت لم تتصل بي إلا مرتين طوال سنة كاملة.. أما أحمد فقد سافر إلى الدراسة في كندا، وتزوج هناك، وأصبحت بالنسبة له في عالم النسيان!! حتى في العيد ظللت طوال اليوم أنتظر هاتفاً منها أو من أحمد تهنئة بالعيد فخيَّبا أملي، ثم بكت الخالة بكاء مراً!! ومازلت أخفف من حزنها حتى كفكفت دموعها!! تلك دعوة إلى كل من عق والديه أو أحدهما، تلك دعوة إلى من قاطع والديه أو أحدهما، تلك دعوة إلى كل منكر لجميل الوالدين وفضلهما.. لقد حكم الله في القضية من عليائه: (وَقَضَى رَبُّكَ أَلا تَعْبُدُوا إِلا إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِنْدَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلاهُمَا فَلا تَقُلْ لَهُمَا أُفٍّ وَلا تَنْهَرْهُمَا وَقُلْ لَهُمَا قَوْلا كَرِيمًا) (الإسراء/ 23). ولقد تكررت هذه الدعوة كثيراً في كتاب الله عزّ وجلّ: (وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا) (البقرة/ 83). إن من أهم الدروس المستفادة من عيد الأضحى... ذلك الامتثال الذي نستمده من قصة إسماعيل الابن عليه السلام وطاعته لوالده والتسليم والرضا.. وفيه نتعلم الوفاء من إبراهيم وولده عليهما السلام، وفي ذلك فرصة لأولادنا أن يراجعوا أنفسهم من خلال هذه الرسالة، وأن يقفوا عند آي القرآن الكريم وهدي الرسول العظيم (ص)، وأن يتذكروا ما صنعه الآباء من معروف، وما قدموه للأبناء دون مقابل، وأن يتوبوا إلى الله توبة نصوحاً، ويقبلوا على صلة الآباء والأُمهات، والبر بهما، وأن يكون هذا العيد المبارك نقطة تحول في حياتهم وفي علاقتهم بربهم، ثم بآبائهم وأمهاتهم. | |
|