THF Admin
عدد الرسائل : 4613 تاريخ الميلاد : 11/10/1984 العمر : 40 البلد و المدينة : Algeria - Bouira - Palistro العمل/الترفيه : Maintenance system informatique - MSI المزاج : في قمة السعادة السٌّمعَة : 5 نقاط : 2147483647 تاريخ التسجيل : 16/08/2008
| موضوع: مزاجية التحليل والتحريم الأربعاء فبراير 23, 2011 7:48 pm | |
| مزاجية التحليل والتحريم تأريخ الإنسان يشهد أنّه، في الفترات التي يتخلّى أو يرفض أو ينسى، أنّ هناك تشريعاً علوياً يُقنِّن له حياته ضمن أُصول وضوابط تكفل له المزيد من السعادة، وتُجنِّبه المزيد من المخاطر، يأخذ هو على عاتقه التشريع لنفسه، وقد نجد عذراً للنباتيين الذين يريدون أن يُخفِّفوا من أوزانهم، ولكننا لا نجد لهم عذراً في تحريم اللحوم التي هي من طيِّبات هذه الحياة التي جرَّبها الإنسان منذ أن تناول أوّل قطعة لحم لخروف أو دجاجة، فوجد أنّها لذيذة وصحّية ونافعة، وقد اجتمعت كلمة العقلاء على أنّها كذلك، أي أنّ هذه اللحوم ومثلها الأسماك ولحوم الأبقار والإبل حصلت على شهادة الإنسان في طيبها ونفعها وضرورتها لمائدته.. ولا ننسى أنّنا نتحدّث عن القاعدة العامّة وللإستثناءات حديث خاص سنأتي عليه. كما أنّ البعض قد حرَّم الزواج على نفسه ليعيش الرهبنة بما هي عزوف عن طيِّبات الحياة الدنيا، وقد دلّت الدلائل أنّه لم يفلح في قراره هذا، فما زلنا نسمع عن فضائح جنسيّة ترتكب وراء ستار بين الذين حكموا على أنفسهم بحرمة الزواج. بلغ النبي (ص) أنّ جماعة من المسلمين شدّوا مآزرهم فقاموا الليل وصاموا النهار وعافوا النِّساء، حتى ضجّت النِّساء من إبتعاد رجالهنّ عنهنّ، فخرج النبي (ص) مغضباً، وخطب في الناس مشيراً إلى ما بلغه، قائلاً بأنّه ينام ويقوم، ويصوم ويفطر، ويعاشر النِّساء، فهذه سنّتي، ومَن رغب عن سنّتي فليس منِّي! وبلغ الإمام علي بن أبيطالب أن (عاصم بن زياد) قد لبس العباءة وتخلّى عن الدنيا (حرم على نفسه الطيِّبات)، فقال (ع): عليَّ به. فلمّا جاء، قال له علي: "يا عديّ (عدوّ) نفسه! لقد استهام بك الخبيث (الشيطان)، أما رحمت أهلك وولدك! أترى الله أحلّ لك الطيِّبات، وهو يكره أن تأخذها، أنت أهون على الله من ذلك"! وتأتي إمرأة إلى الإمام جعفر الصادق من أئمة أهل البيت، فتقول له: "أنا متبتلة. فقال لها (ع): وما علامة التبتّل عندك؟ قالت: أرفض الزواج. فقال لها (ع): لو كان في التبتل – بهذا الفهم – فضيلة لكانت فاطمة الزهراء إبنة النبي محمد (ص) أولى به منك"! ولـ(سورة التحريم) قصّة وسبب نزول، من المناسب هنا أن تتعرّف عليها لترى أنّك لا يجوز لك أن تُحرِّم ما أحلَّ الله لك، فإلى القصة: تذكر الروايات أنّ رسول الله (ص) كان يذهب أحياناً إلى زوجته (زينب بنت جحش) فتأتيه بعسل قد هيّأته له، فشق ذلك على بعض نساء النبي (ص)، فسألته إحداهنّ: هل تناول صمغ (المغافير)، وهو صمغ له رائحة غير طيِّبة، وكان النبي (ص) يرى أنّ رائحته طيِّبة، وأنّه لم يتناول هذا الصمغ، بل تناول عسلاً، ولأنّه رأى كراهية نسائه له حرَّمه على نفسه، وحذّرهنّ من نقل ذلك إلى أحد من المسلمين فيشيع بين الناس أنّ الرسول (ص) قد حرَّم على نفسه طعاماً حلالاً فيقتدون به ويحرمونه على أنفسهم، فنزل قوله تعالى: (يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ لِمَ تُحَرِّمُ مَا أَحَلَّ اللَّهُ لَكَ تَبْتَغِي مَرْضَاةَ أَزْوَاجِكَ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ) (التحريم/ 1). والتحريم هنا ليس تحريماً شرعيّاً، فالنبي (ص) لا يُحرِّم أو يُشرِّع في قبال تحريم الله وتشريعه، ولكنه أقسم على تلك المباح، والقسم على ترك المباحات ليس ذنباً. لكن الدرس الذي يسوقه القرآن إلينا أنّ التشريع حقّه وحده وليس لإنسان حتى ولو كان نبيّاً أن يُحلِّل أو يُحرِّم شيئاً من عنده، أو يُحلِّل الحرام ويُحرِّم الحلال بطريقة كيفيّة مزاجيّة، فهو تعالى لم يُحلِّل أو يُحرِّم شيئاً إلا وفق مصالح دقيقة، كما سيأتي ذلك لاحقاً. | |
|