THF Admin
عدد الرسائل : 4613 تاريخ الميلاد : 11/10/1984 العمر : 40 البلد و المدينة : Algeria - Bouira - Palistro العمل/الترفيه : Maintenance system informatique - MSI المزاج : في قمة السعادة السٌّمعَة : 5 نقاط : 2147483647 تاريخ التسجيل : 16/08/2008
| موضوع: من الطموح ما قتل/ قصة قصيرة الإثنين يوليو 05, 2010 11:18 pm | |
| من الطموح ما قتل/ سعاد حلمي
عارضت صلاح بشدة حينما اقترح أن يتم زواجنا عقب تعيين كل منّا بعد التخرج في كلية الطب.. قلت: كيف نتزوج دون الاستعداد لذلك؟ قال: الشقة والحمد لله موجودة، إنّها تلك التي أقطنها مع بعض الزملاء، وقد تنازلوا عنها مشكورين، ويمكن أن ندبر بعض المال لنشتري به حجرة نوم وأدوات مطبخ.. أليس هذا ما يفعله الأجانب الذين نقلدهم فيما لا ينفع؟ صحت: كفانا فقراً ومعاناة.. صحيح كلانا من نبع واحد متواضع لكنّنا كافحنا وتعلمنا وتخرجنا.. أنا أحبك وأريد أن أزهو بك زوجاً.. قال مغلوباً على أمره: ننتظر عامين.. ثلاثة كأقصى حد. كنتِ محظوظة فعينت بواسطة أحد أقاربي المعروفين في مستشفى استثماري.. أما صلاح فعين في إحدى الوحدات الصحية القروية.. التقينا بعد استلام العمل، فإذا به مغتبط ومتفائل.. أما أنا فقلت له: ما الذي يمكن أن تصل إليه بعملك في القرى؟ لن يرتاح لي بال حتى تعمل في العاصمة وتبدأ دراساتك العليا.. قال مازحاً: إذن أصدري أوامرك العليا بنقلي إلى العاصمة.. دفعني ذلك إلى الإحساس باليأس.. هل كُتب علينا أن نعيش دائماً في الظل؟ عاد صلاح إلى مقر عمله دون أن نتفاهم.. وصممت على أن أفعل كل ما في جهدي لمصلحة حبيبي.. لجأت إلى رئيس القسم الذي عملت به.. كهل، وسيم، أنيق.. جراح مشهور.. أعجبت به وقدَّرته وبُهرت بمظاهر ثرائه.. كان قد مضى عامان، وجاء صلاح يقنعني بضرورة زواجنا حسب مشروعه القديم.. طال بيننا الجدل.. قال منفعلاً: موقفك يحيرني ويعذبني.. قلت: اصبر ولا تكن متشائماً.. لقد حدثت الدكتور "ثروت" بشأنك ووعدني خيراً.. قال دون اكتراث مَنْ يكون هذا الدكتور؟ أنا لم أطلب منك الوساطة.. المهم دعينا نتزوج أوائل الصيف ونبدأ معاً بناء عشنا.. وآمل أن نكون حينئذ قد نجحنا في الاجتماع في مكان عمل واحد. في سبيل ذلك عملك على التقرب أكثر من الدكتور ثروت، ولم أعد أجد حرجاً في استغلال أسلحة أنوثتي التي بدا بها مفتوناً.. وقبلت الخروج معه، واكتشفت فيه رجلاً يعرف كيف يرضي غرور المرأة وكيف يحلق بها في أجواء النشوة، وفتح أمامي أبواب حياة جديدة طالما تطلعت إليها بأحلامي.. ومرّت أيام عديدة دون أن أتكلّم معه عن صلاح.. أوهمت نفسي بأنّني أتحين الوقت المناسب.. وقبلت اللقاءات والهدايا، واستمعت راضية لكلمات تنطلق بما صار يعتلج في قلب الطبيب الكهل من مشاعر.. وبدأت أحس بأنّ الأحداث تبعدني لا شعورياً عن صلاح.. لم أقاوم.. بل كنت مرحبة.. والتقيت بالدكتور ثروت تلك الأمسية.. كان قد ألح في تحديد هذا الموعد وتأهبت له.. اقترب مني بأنفاسه اللاهثة.. تجمدت.. انبثقت الحقيقة أمام عيني.. تباعدت.. هذا الكهل كيف تصور أنّني يمكن أن أهتز له.. وجدتني أتشجع وأقول: أرغب في محادثتك بشأن إنسان يهمني أمره.. وابتلعت ريقي في اضطراب وعدت أقول: أنا مخطوبة لطبيب شاب، وأرجو أن تساعدني في تعيينه بالمستشفى الذي نعمل به.. أنت صاحب نفوذ.. أنت.. ما الذي دفعني إلى مصارحته بذلك.. في هذه اللحظات بالذات؟ هل هي صحوة الضمير أم الشعور بالذنب؟ لكنني لم أتوقع منه هذه الثورة العارمة كأن بركاناً قد انفجر في أعماقه.. وصاح: إذن استغل هذا الشاب جمالك للوصول إلى مأربه.. ألم تدركي حقارة ما أقدمت عليه؟ كيف سولت لك نفسكِ التلاعب بمشاعري وأنا الذي عزمت الليلة على أن أعرض عليك الزواج متصوّراً أنّ الله عوضني بكِ بعد طول حرمان! تحاملت على نفسي لكي أعود إلى المستشفى حيث كنت مكلفة بالسهر.. فوجئت بصلاح في انتظاري.. قلت: أوحشتني.. صاح: لهذا خنتني؟ عرفت كل شيء عن علاقتك بالدكتور ثروت.. طموحكِ الشاذ أفسد حياتكِ وأوشك أن يجرني معكِ إلى ما يتنافى مع مبادئي.. كلّها حقائق تبرع الكثيرون بسرد تفاصيلها.. لو أنكِ أحببتني حقاً لقدرت كفاحي الشريف ورضيت أن تشاركيني حياتي كيفما كانت! استدار عازماً على الانصراف.. هتفت جازعة: انتظر، دون أن يواجهني أجاب: آسف يا دكتورة.. ما بيننا انتهى.. لست الشريكة التي يمكن أن تسعدني. | |
|