THF Admin
عدد الرسائل : 4613 تاريخ الميلاد : 11/10/1984 العمر : 40 البلد و المدينة : Algeria - Bouira - Palistro العمل/الترفيه : Maintenance system informatique - MSI المزاج : في قمة السعادة السٌّمعَة : 5 نقاط : 2147483647 تاريخ التسجيل : 16/08/2008
| موضوع: بلا خوف/ قصة قصيرة السبت يونيو 05, 2010 1:06 pm | |
| بلا خوف/ قصة قصيرة لا أدري أين أنا؟ وكيف جئتُ إلى هذا المكان؟ وكأنّ شيئاً ما يُقيِّدني ويُسيطر على عقلي وجسدي. أمشي مُرتجفاً من شدّة البرد، وعَويل الرياح يُشتِّب ذهني والظلام يلتف بي.. ظلام فوق ظلام، أشعر بقدمي؟ لا أشعُر بها إطلاقاً، لكني أظنّ أنِّي مازلت أسير ومازالت هي معي تحملني، شاردة؟ نعم.. وحيدة؟ نعم.. خائفة.. لا...، وهذا ما يُثير دَهشتي، كيف لي ألّا أخاف وسط هذا كلّه؟ هل لأنني أحلَم؟ هل هذا جزء من فيلم أنا بطلته؟ لن أسمَح لعقلي بأنّ يُجيب بـ"لا" أخرى، ولكن رغم أنفي، أجد الجواب: لا. كل هذا حقيقي، لكني لا أدري عنه شيئاً. فجأة، أصطدم بشيء ما، بشخص ما.. إنّها امرأة بلا عينين، بلا فَم، بلا شَعر، بلا أي شيء يدل عليها، إنّها امرأة أو حتّى كائن، أي كائن. شعور يَجتاحُني ويؤكّد لي أني قد رأيتها قبل ذلك.. ولكن: أين ومتى وكيف؟ تنظرُ إليَّ من خلال ثقبين في جمجمة، أقلّ ما يُقال عنها إنها مُحطّمة، تنظُر فقط، ثمّ تمضي وتمضي من دون أن تُعاتبني، أو تغضب منّي بسبب اصطدامي بها. لم تفعل أي شيء ممّا تعوّدنا عليه في دنيَانَا الفانيّة، لكنّها كانت تمضي، وتمضي، وأنا أحاول أن أناديها. أشعُر بصوتي كأنّه زلزال يهزُّ كل شيء حولي، لكني لا أسمعه وكأنّه تحوّل إلى طاقة ما، إلى قوّة ما. أراها تقف، أسألها: أين أنا؟ أسمع صوتي هذه المرّة، ولكنّه كان غريباً عجيباً ممتزجاً بكل المشاعر: الخفوت، والقسوة، والغضب، والوهَن، والقوّة واللّامُبالاة، والشُّعور بالضَّياع. كل المشاعر.. كل المشاعر، بإستثناء الخوف. تقول لي من دون أن تنظُر إليَّ: "أنت في المقابر". أردّد خلفها بكل ذُهول: المقابر.. المقابر؟ أسمَع أصداء ليست كصَدَى صوتي، ولكنّها أصوات لعشرات الأشياء، أو الأشخاص، يُردِّدون خلفي في الوقت نفسه: المقابر.. المقابر.. المقابر. الظِّلام يَزداد ويزداد، ويزداد ظلاماً فوق ظلام، فوق ظلام، كيف أرى أنا إذن؟ أم أنّ رُؤيتي هذه مجرّد شُعور؟ أحاول أن أُقنع نفسي بأنّني أحلم، وبأن هذا كابوس، كابوس بَشِع، وسأستيقظ منه الآن. وأنّه لابدّ أن أستيقظ. لابدّ وأنّه كابوس، ولكنّ للمرّة المليون، أجدني أخدَع نفسي، وأجد الإجابة أنّ هذا حقيقي، على الرغم من أنّني لا أعرف كيف؟ أشعُر بيد شخص ما تُوضَع على كتفي، فانْتفض وأدير وجهي إلى الخلف، لأجد شيئاً مَا، أو شخصاً ما. أشعُر بأنّه رَجُل، أسمعه يقول بعَطف شديد: "سناء ألَم تَعتَادي المكان بَعْد، لقد أصبح هذا بيتكِ منذ زمن ونحنُ رفاقكِ، فلماذا كل هذا القلق والتوتّر يا بُنيَّتي؟". أقول بإستغراب:.. بَيتي؟ رفاقي؟.. كيف؟.. متى؟.. ولكن..؟ فجأة ابتسم ذلك الشخص الآن، أعرف سرّ عدم خوفي منذ البداية، الآن أعلَم لماذا جئت إلى هنا، وكيف استطعت أن أرَى في الظلام وأن أحدِّد هوية أشخاص، فأقول. في خفوت: أنا في المقابر، ويُردِّد خَلْفي مئات الأشخاص قائلين: "المقابر.. المقابر.. المقابر.. المقابر..". | |
|