THF Admin
عدد الرسائل : 4613 تاريخ الميلاد : 11/10/1984 العمر : 40 البلد و المدينة : Algeria - Bouira - Palistro العمل/الترفيه : Maintenance system informatique - MSI المزاج : في قمة السعادة السٌّمعَة : 5 نقاط : 2147483647 تاريخ التسجيل : 16/08/2008
| موضوع: عندما ينتصر الحب الإثنين أبريل 19, 2010 1:50 pm | |
| عندما ينتصر الحب كنّا ندرس في السنة الثالثة بكلية الفنون الجميلة بموسكو؛ حين بدأنا نتقارب ويألف بعضنا بعضاً. ربما كنت أجمل بنات الكلية، أمّا هو فكان الأقل وسامة بين رفاقه. لكن ما جمعنا هو الفكر المتشابه إلى حد التطابق.كنت وافدة من أوروبا الشرقية، وهو وافد من الشرق العربي. اتفقنا على الزواج على رغم تحذيراته المتكررة لي. كان يقول: "لن تحتملي عاداتنا والعيش مع أهلي في بيت واحد". ثم يطرق برأسه، ويقول بصوت خافت: "ولن تحتملي إعاقتي إلى الأبد". وكنت أجيبه: "سأحتمل أية صعوبة طالما كنت معك". فيضحك غير مصدق، ويقول: "سوف نرى"! كان حبيبي يعاني مرضاً عضالاً اسمه "التصلب اللويحي"، وقد أخبرني طبيبه بأن ظهره قد يستمر في الإنحناء والتقوس مع السنين حتى يختنق. على الرغم من ذلك لم أتراجع عن مشروع زواجنا. كنت أشعر بأن العيش معه – ولو ليوم واحد – يكفيني مؤونة العمر كله. تزوجنا، ورافقته إلى قريته المتواضعة التي تحكمها التقاليد الصارمة وتعيش على الزراعة. أُمّه وأبوه المسنّان استقبلاني بكثير من الفرح والدموع؛ إذ بدا كل منهما غير مصدق أنني بما أملك من جمال تزوجت ابنهما شبه المعاق، فراحا يدعوان أهالي البلدة ليروا زوجة ابنهما الشقراء ذات العينين الزرقاوين، وكأنما يعرضان عليهم معجزة. كان عليّ أن أتعلم الطبخ وتنظيف البيت واستقبال الضيوف على طريقتهم؛ ما شكّل تحدياً قاسياً لثقافتي وعاداتي وسلوكي. لكنني انتصرت، وكسبت محبة أهله ومجتمع القرية كله. التحدي الأكبر كان في كسب لقمة العيش من الرسم الذي كان مهنتنا الوحيدة في بلاد تعد الفن التشكيلي نوعاً من الرفاهية التي يستحيل على معظمهم دفع ثمن لها. قليلون جداً كانوا يشترون لوحة أو لوحتين من المعارض التي كنا نقيمها في المدن، وبالتالي كنّا بالكاد نحصِّل ما ننفقه وما يسد الرمق، خصوصاً بعدما أنجبنا طفلاً وطفلة، وصارت مصروفاتنا تشكِّل عبئا ثقيلاً على أهله. اضطررت إلى العمل في مصنع للحلويات عشر ساعات يومياً، ولم يكن زوجي قادراً على العمل بسبب وضعه الصحي الذي تفاقم مع الأيام. صرت أتقن اللغة العربية، وأساعد طفليّ الإثنين في الدراسة، وأرسم وأطبخ وأنظف وأغسل في أيام العطلات. كان زوجي يرسم كل الوقت على رغم آلام ظهره الرهيبة، ويسعى ليلاً نهاراً ليبيعها، وحين يجني بعض المال يعود مشرقاً وهو يعتذر لي عمّا أعانيه من تعب، فأقول له: "أنا سعيدة طالما أنك تبتسم". كبر ولدانا، وتخرجا في كلية الفنون الجميلة، فاقترحا علينا مشروعاً عصرياً. اقترضنا مبلغاً من البنك، وبنينا مرسماً يتسع لنا جميعاً. تركت عملي في الحلويات، وبدأنا نستخدم الكومبيوتر، وننشط في تصميم الإعلانات الورقية وإعلانات الطرق والتلفزيون. استطعنا تسديد القرض، وصار لنا بيت مستقل في القرية وآخر في المدينة. توقف زوجي عن الرسم نهائياً بعدما تقوس ظهره، لكنه لا يزال يشرف على عملنا، ويبتسم لأظل سعيدة. | |
|