THF Admin
عدد الرسائل : 4613 تاريخ الميلاد : 11/10/1984 العمر : 40 البلد و المدينة : Algeria - Bouira - Palistro العمل/الترفيه : Maintenance system informatique - MSI المزاج : في قمة السعادة السٌّمعَة : 5 نقاط : 2147483647 تاريخ التسجيل : 16/08/2008
| موضوع: أيها الشباب.. لنحل مشاكلنا بأيدينا الأحد أبريل 18, 2010 7:17 am | |
| أيها الشباب.. لنحل مشاكلنا بأيدينا إنّ المشاكل التي تواجهنا كشبّان وشابّات إمّا أن تكون مشاكل طبيعية عامّة، وإمّا أن تكون مشاكل خاصّة تقع لكلّ واحد منّا. فالمشاكل العامّة التي نمرّ بها في أوائل هذه المرحلة من العمر لها أسباب مشتركة لا يكاد ينجو منها إلّا مَن تلقّى تربية صالحة في بدايات حياته بحيث ينتقل بعدها انتقالة هادئة تندر فيها بعض المشاكل والمتاعب. فمن بين الأسباب التي تنجم عنها المشاكل نقص التجربة، فطالما أنّنا في مطلع حياتنا العملية فمن البديهي أن نصطدم بالعقبات، وأن نقع في الخطأ، وأن نعاني من أكثر من مشكلة، وهذا أمر طبيعي لا نلام عليه، ذلك أنّ الحياة معلِّم من الدرجة الأولى لمواجهة مشاكلنا المستقبلية. كما أنّ مشكلة القلق الناتج عن التغيّرات البدنية والنفسية التي ترافق عملية الإنتقال إلى سنّ الرُّشد وما يتبعها من نمو الغدد التناسلية وبروز علامات الرجولة على الشبان والأنوثة على الشابّات، وظهور البثور على بشرة الوجه ممّا يشوّهه مؤقتاً، قد يوجد حالة من الاضطراب الطبيعي أيضاً الذي ما من رجل ولا امرأة إلّا وقد مرّا به، حيث تنشط أحلام اليقظة والشعور بالحياء وسرعة الانفعال والخوف من النقد، وهذه وإن بدت لنا على أنّها مشاكل لكنّها ليست من نوع المشاكل التي تتعبنا في البحث عن الحلّ، فالأمر لا يحتاج إلى أكثر من معرفتنا بانفسنا وما طرأ عليها، ومعرفة المحيطين بنا من والدين ومربّين بخصائص هذه المرحلة حتّى يمكن التعامل مع حاجاتها ومتطلّباتها بما يجعلها تمرّ بسلام شأنها شأن أيّة مرحلة عمرية أخرى. فالمشاكل في مرحلة المراهقة – تحديداً – غالباً ما تنجم عن سوء فهم وتفاهم بين جيلين أو نمطين من التعامل مع الحياة، ولذا فإنّ الأُسر التي تعي طبيعة هذه المرحلة تتقلّص بين أبنائها تلك المشاكل إلى حدّ كبير. ومن أسباب بروز المشاكل في هذه المرحلة هو ضعف التكيّف الاجتماعي، أي أنّ علاقات الشاب أو الشابّة ما تزال غضّة فتية لم تصل إلى مرحلة التعامل الناضج بعد، وهذا أمر لا عيب فيه لأنّنا جميعاً مررنا به، وهو سوف لن يبقى غضاً فتياً إلى الأبد، فمع الأيّام واتّساع شبكة العلاقات وتنوّعها يصل التكيّف إلى مرحلة النضج، فالمشكلة إنّما تنفجر من جرّاء الجهل بطبيعة المجتمع وأشخاصه ومؤسّساته ممّا يؤدّي أحياناً إلى الإنكماش والعزلة، وهو بالتأكيد ليس الحلّ الأمثل لمشكلة التكيّف، فالانخراط في المجتمع والتفاعل معه وتحمّل صدماته يبني الشخصية الشابّة فيجعل منها شجرة بريّة تتحمّل العواصف، أمّا العزلة والتقوقع فيجعلان منها شجيرة هشّة تنحني لأبسط ريح. إنّ الانكماش لا يحلّ المشكلة إنّما يضيف إليها مشكلة أخرى، ولذلك فنحن حينما ندعو إلى مواجهة مشاكلنا إنّما ننطلق من الترحيب بأيّة مشكلة تعصف بنا لأنّها تستنفر أنبل وأفضل ما فينا من قوى روحية ونفسية وبدنية كامنة، وفي الحديث: "مَن خالط الناس وصبر على أذاهم خير ممّن لم يخالط الناس ولم يصبر على أذاهم". ومن بين الأسباب التي تؤدي إلى مشاكل عامّة مشتركة – والكلام بطبيعة الحال ليس بالمطلق – هو شعور بعض الشبّان والشابّات بأنّ النظام السائد ينطوي على أخطاء كثيرة وتعقيدات كثيرة وأزمات كثيرة، فيحاولون أن يعبِّروا عن رفضهم له في نقده وتجاوز بعض قواعده وأعرافه لدرجة قيام البعض منهم بسلوكيات منافية للعرف والنظام، وهذا بحدّ ذاته مدعاة لنشوء أكثر من مشكلة. كما أنّ ميل الشباب إلى الكتمان الشديد والسرية المغلقة يجعلهم يخفون بعض ممارساتهم الخاطئة عن ذوي الخبرة والتجربة ممّا يتسبّب في معاناة نفسيّة حادّة، الأمر الذي كان يمكن تفاديه فيما لو كانت أجواء الصراحة مفتوحة بين الأبناء والبنات وبين ذويهم أو مَن يثقون بهم. إحدى المجلّات الشبابية المتخصِّصة أجرت ذات مرّة تحقيقاً تحت عنوان "لمن يبوح الشباب بأسرارهم؟ وممّن يطلبون النصيحة؟" وكانت خلاصة ما خرج به التحقيق الذي أجري بين الشباب من الجنسين أنّهم يبوحون بأسرارهم – بدرجات متفاوتة – إلى: - الأصدقاء القدامى نتيجة التجربة الطويلة. - الأصدقاء الذين يتفهمونهم، أي أولئك الذين هم أقرب لفهم هواجسهم وآرائهم وأمزجتهم. - الأصدقاء الأُمناء الذين لا يبوحون بالأسرار. - الأشقّاء أو الإخوة الكبار والأخوات الكبيرات، وإذا لم يوجد هؤلاء فأبناء العم أو أبناء الخال، أي الذين تربطهم بهم قرابة حميمة. - وهناك الكثير من الشبان والشابات قالوا: "لم نتعوّد أن نبوح لوالدينا بأسرارنا"، الأمر الذي يعكس ضعف التواصل الاجتماعي المبني على الثقة المتبادلة بين الآباء والأبناء، ويتسبّب في خسارة الطرفين لبعضهما البعض. التحقيق المذكور يرجع إلى بعض علماء النفس والإجتماع ليرى رأيهم في هذا الأمر، ففسّروا ميل الشباب إلى البوح بأسرارهم إلى مَن يشعرون بأنّهم سوف يصونون هذه الأسرار، ويبدون لهم النصيحة، دون أن يشعروهم بالذنب. ولذا فهم يفضِّلون الأصدقاء المقرّبين على الكبار، ولو أنّ الآباء عوّدوا أبناءهم على المصارحة بمشاكلهم وأسرارهم في وقت مبكر لكانوا أكثر اطمئناناً عليهم، ولكان الأبناء أفضَل سلوكاً وأصوب رأياً. وبالإضافة إلى تلك المشاكل، يعتبر العناد والتحدّي وحبّ الجدل ورفض الإذعان للمطالب والقيام بالمسؤوليات مشكلة عامّة ممّا يسبِّب في مضايقة الآخرين وانزعاجهم، ولعلّ ميل الشباب إلى الاستقلال والحرِّيّة وإصرار الوالدين على إبقاء القيود القديمة وربّما اضافة قيود جديدة عليها، ممّا يعقِّد المسألة، وبدلاً من أن تُفهم على أنّها إفراز طبيعي للمرحلة الانتقالية إلى عالم الإحساس بالكيان والشخصية، يُنظر إلى الشاب والشابّة على أنّهما ما يزالان طفلين رغم تجاوزهما مرحلة الطفولة: لم تزل ليلى بعيني طفلةً **** لم تزد عن أمسِ إلاّ إصبعا تضاف إلى ذلك كلّه مشكلة الإفراط والتفريط كميزتين من مزايا هذه المرحلة. فقد يسرف الشباب في بعض الأمور لدرجة المغالاة والخروج عن الحدّ الطبيعي، وقد يهملانه إلى درجة التقصير المخلّ، ممّا يربك التصوّر المتكوّن لدى الوالدين أو الأقربين عن تصرّفات الأبناء والبنات التي تغلّفها الحيرة والشك والوساوس والقلق وعدم التوازن. من ذلك نفهم أنّ الشاب سواء كان في أوّل مرحلة البلوغ أو في سنواته المتقدِّمة ليس عدوانياً بطبيعته، بل هو رقيق الطبع والفؤاد، ولكنّه يعيش الانتقال من (الشخص) إلى (الشخصية) وهذا يتطلّب أن يؤكد ذاته ويركز قناعاته ويكوّن رؤاه عن الحياة وعن الدين وعن الناس، فالتصرّفات التي تبدو غريبة – وهي في واقع الأمر ليست غريبة – إنّما تنشأ بوحي التطوّرات الحاصلة في بدن الشاب وعقله وإحساسه وشعوره، وليست بدوافع شريرة تبعث على الخوف والقلق. يرى علماء النفس أنّ التفكير بالمشكلة يمرّ بأربع مراحل حتّى يتمكّن المراهق أو الشاب أو الإنسان بشكل عام من حلّ مشكلته: 1- مرحلة الاعتراف بالمشكلة وفهمها، ذلك أنّ بعض الناس لا يريد أن يعترف أنّ هناك مشكلة، ولا يحاول أن يتفهّم مشكلته، وبذلك يصعب عليه علاجها. 2- مرحلة توليد الأفكار والفرضيات، أي أن يضع احتمالات للحلّ. 3- مرحلة اتّخاذ القرار بالفرضية المناسبة، أي أنّه يرجِّح إحدى الفرضيّات على أنّها هي الكفيلة بحل مشكلته فيعتمدها. 4- مرحلة اختيار الفرضية وتقويمها، أي بدء العمل بالفرضية أو الحل المقترح. لكنّ هذه المراحل – كما يرى آخرون – ليست حتمية، أي ليس بالضرورة أن نستحضر الخطوات الأربع حتّى نصل إلى حل للمشكلة، فقد يمكن التوصّل إلى الحلّ باتباع بعضها، وبصفة عامّة فإنّنا نحتاج إلى تحديد المشكلة بالكشف عن أسبابها الرئيسة والثانويّة، ودوافعها الكامنة، وأن نعالج الأسباب لا المظاهر، وقد نحتاج في ذلك إلى تعاون أصحاب التجربة ممّن نثق بهم ويُخلصون إلينا، ويبقى دور الشاب أو الشابّة في المساهمة بحلّ مشكلته الأهم لأنّه يعلِّمه كيف يواجه المشاكل في الحاضر والمستقبل، ويمنحه الثقة بنفسه وبقدارته إن هو أفلح في تذليل وتذويب المشكلة، ذلك أنّ حلّه لها يكسبه القوّة والاستمرار والاستقرار. تعالوا إذاً نحلّ مشاكلنا بأنفسنا أوّلاً. ولنتّفق على أنّ مَن يخطئ عليه أن يُصحِّح خطأه، وأن مَن يُسبِّب في إثارة مشكلة عليه أن يعمل على حلّها أو إخماد نيرانها فـ"ما حكّ جلدك مثل ظفرك"، غير أنّ هذا لا يعني كقاعدة على طول الخطّ، فقد نستعين في المواقف الصعبة أو العصيبة بمن هم أكثر خبرة ودراية وأعمق نظراً وفكراً، وليس في ذلك بأس فحتّى الأُمم تستعين بأصحاب الإختصاص لحلّ مشاكلها. فمن بين أشكال التعاون على البرّ والتقوى هي المعاونة على تذليل الصعاب وحلّ المشاكل، أو إغاثة الملهوف أو المستغيث الذي يحتاج إلى مَن يسعفه ويمدّ له يد المساعدة لإخراجه من مأزقه. | |
|