THF Admin
عدد الرسائل : 4613 تاريخ الميلاد : 11/10/1984 العمر : 40 البلد و المدينة : Algeria - Bouira - Palistro العمل/الترفيه : Maintenance system informatique - MSI المزاج : في قمة السعادة السٌّمعَة : 5 نقاط : 2147483647 تاريخ التسجيل : 16/08/2008
| موضوع: التكامل الصعب بين الدماغين الخميس سبتمبر 11, 2008 3:06 am | |
| التكامل الصعب بين الدماغين دافيد سرفان شرايبر ترجمة: د. عقيل حسين "علينا انن ننتبه لئلا نجعل من العقل إلهنا, فهو يمتلك بالتأكيد عضلات قوية, ولكنه بلا شخصية. انه لا يستطيع أن يأمر, فهو لا يفعل غير تقديم الخدمة." البرت إينشتاين لا معنى للحياة بلا عواطف. ما الذي يعطي طعماً لوجودنا غير الحب والجمال والعدل والحقيقة والكرامة والشرف, وما يؤمنه ذلك لنا من أحاسيس ممتعة؟ كل واحد من هذه الأحاسيس وما رافقها من عواطف يشبه البوصلة التي تقودنا في كل خطوة. نحن نسعى على الدوام لنتقدم نحو المزيد من الحب والمزيد من الجمال والمزيد من العدل, ولنبتعد عما هو خلاف ذلك. وإذا ما حرمنا من العواطف, فاننا نفتقد النقاط الاساسية التي نهتدي بها ونصبح عاجزين عن الاختيار وفق ما هو مفيد لنا بالفعل. بعض الامراض العقلية تظهر من خلال فقدان مثل هذه الصلة. والاشخاص المصابون بهذه الامراض هم, إذا صح التعبير, منفيون عاطفياً في "أرض بلا بشر". كما هي حال بيتر, على سبيل المثال, وهو فتى كندي من أصل يوناني وجد نفسه في قسم الطوارئ في المستشفى الذي عملت فيه عندما كنت لا أزال طبيباً متدرباً. فقد كان بيتر يسمع أصواتاً, منذ بعض الوقت. وكانت تقول له إنه مثير للسخرية وفاشل وإن من الافضل له لو يموت. وشيئاً فشيئاً أصبحت الاصوات حاضرة على الدوام, وأصبح سلوك بيتر متزايد الغرابة. فقد توقف عن الاغتسال وبدأ يرفض تناول الطعام كما كان يحدث له أن يظل رهين غرفته لعدة أيام على التوالي. أما أمه التي كانت تعيش معه بمفردها, فكانت شديدة القلق عليه لكنها لم تكن تعرف ما الذي يمكنها القيام به. وكانت تفكر أن ابنها الوحيد الذي كان طالباً لامعاً في السنة الجامعية الاولى في قسم الفلسفة والاول في صفه, لطالما كان غريب الاطوار بعض الشيء... وحدث يوماً لبيتر أن استبد به الحنق لسبب ما, فشتم أمه وضربها, ما اضطرها الى استدعاء الشرطة. وهكذا وجد بيتر نفسه في قسم الطوارئ في إحدى المستشفيات. وقد شعر بيتر بتحسن كبير تحت تأثير الادوية, فقد اختفت الاصوات عملياً خلال بضعة أيام, وأخبرني ان بامكانه الان أن "يسيطر عليها". ولكنه لم يعد مع ذلك الى حالته الطبيعية. وبعد عدة أسابيع من العلاج – لأن الادوية المضادة للذهان يجب أن تستخدم على المدى الطويل – كانت أمه لا تزال قلقة مثلما كانت في اليوم الاول. فقد قالت لي لهجة التوسل في صوتها: "دكتور, إنه لم يعد يشعر بشيء. أنظر اليه, إنه لا يهتم بأي شيء, ولم يعد يفعل أي شيء. إنه يمضي أيامه في تدخين السجائر". وكنت أراقب بيتر فيما كانت تحدثني. كان منظره مؤلماً وهو يذرع الممر في المستشفى وكأنه مومياء بظهره المتقوس بعض الشيء وبوجهه الجامد ونظرته الفارغة. لا يكاد يعبأ بالاخرين ولا بأخبار العالم الخارجي, وهو الذي كان لامعاً الى حد بعيد. حالة الجمود العاطفي هذه هي في الغالب ما يوحي للمحيطين بالمرضى من أمثال بيتر بمشاعر الشفقة والقلق. ومع ذلك, فإن هلوسات بيتر وهذياناته التي كانت قد توقفت بفعل الادوية, كانت أشد خطورة بكثير بالنسبة له ولوالدته من هذه التأثيرات الجانبية. لكن الثمن كانت حالته العديمة الانفعالات والعديمة الحياة. ومن جهة ثانية, فإن العواطف لا يمكنها أن تصنع بمفردها حياة جميلة كما في الاحلام. إذ ينبغي أن يتم تكييفها بالتحليل العقلي الذي يقوم به الدماغ المعرفي. ذلك أن أي قرار يتم اتخاذه لحظة الانفعال يمكنه أن يعرض للخطر التوازن المعقد لعلاقاتنا بالاخرين. فبلا تركيز ولا تفكير ولا تخطيط نكون في حالة تأرجح بين عوارض الاستمتاع والحرمان. وإذا ما أصبحنا عاجزين عن السيطرة على حياتنا, فإنها سرعان ما تفقد معناها.
| |
|