المراهقة واللون الأسود

المراهقة
واللون الأسود
* رحاب العيفة
تربط علاقة من نوع ما بين فترة المراهقة واللون الأسود، حيث نلاحظ ارتباط
المراهقين وإصرارهم على ارتداء الملابس السود التي قد تتخطى المعقول في بعض
الأحيان، لتصطبغ ملابسهم من الرأس إلى أخمص القدمين بهذا اللون المهيب.
وباعتقادي هناك سببان رئيسان لهذا الارتباط، الأول هو أطفالهن وبشكل شبه
كلي، ما يجعل الممنوع مرغوباً لديهم، وبمجرد أن يصبح الخيار خيارهم، وقرار
شراء الملابس بيدهم نجدهم يسارعون إلى اقتناء الملابس السود على اختلاف
أشكالها.
السبب الثاني – برأيي – هو رغبة المراهق بالاختفاء وراء هذا اللون الذي
يمثل حاجزاً لا مرئياً بينه وبين العالم الخارجي، فيرى أنه بنى جداراً،
يخفي وراءه مشاعره المضطربة وأحاسيسه المتوهجة، وعلى النقيض نجده لوناً
يمنحه هيبة وحضوراً، هو أو هي في أمس الحاجة إليهما في هذه السن لتعزيز
ثقتهم بأنفسهم.
الغريب أنني لم ألاحظ هذا الارتباط إلا بين المراهقين العرب، في حين يرفل
نظراؤهم في الشرق والغرب بأبهى الألوان والحلل فرحين مستبشرين، بينما يتعمق
أبناؤنا في غياهب اللون الأسود، لدرجة تمكنه من فرض حضوره الكئيب عليهم،
فيصبحون أبعد ما يكونون عن الفرح والانشراح.
والسؤال هو: ماذا تفعل الأم عندما تجد أن ارتباط ابنها باللون الأسود
يتزايد، وولعه بالملابس السود أصبح في أوجه؟ ترى هل تمارس سلطتها عليه،
وتمنعه من ارتدائه، ما يجعله يتعلق بهذا اللون طوال حياته، أم أن عليها
الانصياع لمتطلبات هذه الفترة حتى تمر بسلام؟ برأيي المتواضع، على الأم أن
تمسك بالعصا من المنتصف، فبإمكانها إقناع أبنائها بارتداء هذا اللون بصورة
جزئية كالسروال أو الـ"تي شيرت" وليس كليهما، وهكذا ستحقق له ما أراد من
وراء اختيار هذا اللون، وفي الوقت نفسه سيتمكن من الانفتاح على عالم
الألوان الجميل، ويحمي شخصيته من الوقوف خلف أغلام الاكتئاب والحزن التي
يغلف بها اللون الأسود من يرتديه بصفة عامة.