THF Admin
عدد الرسائل : 4613 تاريخ الميلاد : 11/10/1984 العمر : 40 البلد و المدينة : Algeria - Bouira - Palistro العمل/الترفيه : Maintenance system informatique - MSI المزاج : في قمة السعادة السٌّمعَة : 5 نقاط : 2147483647 تاريخ التسجيل : 16/08/2008
| موضوع: لنكن من صنّاع الجمال لا من مستهلكيه الأربعاء أكتوبر 28, 2009 12:06 pm | |
| لنكن من صنّاع الجمال لا من مستهلكيه 1- الذائقة الجمالية بحاجة إلى تربية وتعلّم، فلنقرأ الجمال في كلّ شيء قراءة تفصيلية لا القراءة السريعة المتعجّلة التي لا ترى من الجمال إلّا منظره العام، فلربّ تأمّل لمشهد مفعم بالجمال للنمثل في حركته وسعيه وتعاونه ومنازله وحمله لمؤونته وتقاسمها يدفع إلى الاعتبار والتأسِّي. 2- إنّ تذوّق الجمال يجعل حواسّنا أكثر رهافة وتعاملنا أكثر دفأً ورقّة، فإذا لم نشحذ هذه الذائقة ونربّيها على الدوام فإنّها تخمل وتذبل وتموت. 3- إنّ النصوص الأدبية والفنون الجميلة المنوّعة ترفع من مستوى التذوّق الجمالي لدينا، فعلينا بها شعراً وقصّة ورسماً وتمثيلاً.. إلخ لأنّها ترفع من وعينا للأشياء ومن إدراكنا للقيم.. ولأنّها تقدّم لنا غذاءً روحياً. 4- لنعمل على إشاعة الجمال من حولنا فيما نكتب وفيما نرسم وفيما نعمل وفيما نبني من علاقات.. لنسهم في إضافة ولو لبنة جميلة في البناء الاجتماعي الجميل.. إنّ مسحة جمالية هنا ومسحة جمالية هناك بكلمة جميلة هنا وموقف جميل هناك، بتخفيف ألمٍ هنا وبزرع ابتسامة هناك، بدعوة إلى الخير هنا ودعوة إلى الهداية هناك، يمكن أن تزيل الكثير من القُبح المزروع في حياتنا.. لنكن من صنّاع الجمال لا من مستهلكيه فقط. 5- الجمال مدارج فلنرتقِ في مدارجه لنصل إلى سرّه، فهو نوافذ مفتوحة على المعرفة.. معرفة بالله تزيد ارتباطنا به.. ومعرفة بأنفسنا تزيد في تهذيبها، ومعرفة بالناس تزيد في حبّهم والتّآزر معهم لانشاء مجتمع الإسلام الأجمل.. 6- الوجه الآخر للجمال موجود دائماً.. لنبحث عنه.. فهناك جمال لا تصوّره الكاميرا ولا تعكسه المرآة ولا تلتقطه العين المجّردة، وهو أجمل من الجمال المنظور بأضعاف مضاعفة.. لنتعوّد – كما فعل عيسى(ع) – أن نلتقط الجميل حتّى في الأشياء التي تبدو قبيحة. 7- إنّ التجوّل بين الآثار والمتاحف والقلاع القديمة ودور العبادة الأثرية سياحة في محطّات للجمال الذي يجلب المعة والسرور، لكنّها أيضاً محطات للتأمّل والتفكير فيمن بنى وفيمن سكن وفيمن خلّف آثاره ورحل. 8- هناك جمالٌ حركيّ في الكائنات الجميلة التي تكثر من حولنا.. إنّ تأمّل في الأشجار والحيوانات والسماء والبحار والجبال لا يدخل البهجة على القلب من نافذة العين فحسب، بل له تداعيات جمالية أخرى، فالجبال مسامير الأرض، والبحار آفاق زرقاء تدعونا إلى أن نجوبها ونغوص في أعماقها، لنكتشف عوالم سحرية تزخر بالجمال وبالإبداع الربّانيّ الذي يسبّح له في أعمق الأعماق.. وهذه الأشجار المتفتحة في الربيع نفحة الأمل الأخر، والسماء صفحة الغيب التي تنتشلنا من التثاقل إلى الأرض والانشداد إلى الدُنيا.. ووفاء الكلب وتبكير الغراب ولطف الطيور ودأب النملة وتعاون النحلة وصبر الجمل كلّها لوحات جمالية تبعث على الحركة والعمل والمواصلة والتحمّل وليس على التأمّل المجرّد. 9- لنخرج بين الحين والآخر من زحمة الحياة.. لنطلق سراح أنفسنا من هذا الأسر.. لنترك أجواء المدينة الصاخبة خلفنا ونرتمِ بين أحضان الطبيعة علّها تكسر حدّة التوتّر الانفعالي الذي يشدّ أعصابنا فلا يدع مجالاً لتذوّق الجمال في الهواء الطلق.. لنعش وقتاً سعيداً مع عالم الطفولة المليء بالبراءة الجميلة. 10- الفضائل الأخلاقية جمالٌ كلّها، كما أنّ الرذائل الأخلاقية قبحٌ كلّها، فالتحلّي بأية مكرمة أخلاقية هو زينة أبدية لا يتقلّدها الإنسان في الدار الدنيا فحسب، بل يأتي مقلّداً بها في اليوم الآخر أيضاً، كما أنّ التخلِّي عن آية مثلبة حتّى ولو كانت صغيرة إنّما هو زيادة في مساحة الجمال التي نريد لها أن تتسع، وبالتالي فهو تقليص لمساحة القبح الآخذة بالتساع في عالم تحكمه المادّة وتكاد تغيب فيه الرّوح. 11- الجمال الظاهري في المرأة مطلوب ولكنّه واحد من عدّة جمالات تتمتّع بها المرأة فلا ينبغي أن تقف هي عند حدّ هذا الجمال فلا تتعدّاه، ولا ينبغي أن نقف كشبّانٍ نتعشق الجمال عنده فلا نفتش عن غيره.. إنّ هناك سحراً وجاذبية وروحاً لطيفة في داخل كلّ واحد منّا.. علينا فقط أن نتعلّم كيف نخرجها إلى الضوء. 12- إنّ القرآن الكريم يربّينا تربية جمالية، وإليكم بعض الأمثلة: القصد في المشي جمال: (وَاقْصِدْ في مَشيِكَ) (لقمان/19). والغضّ من الصوت جمال: (واغْضُضْ مِن صَوتِكَ إنَّ أَنكَرَ الأصْواتِ لَصَوْتُ الحَميرِ) (لقمان/ 19). والسخرية قُبح: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا يَسْخَرْ قَومٌ مِنْ قَوْمٍ عَسَى أَنْ يَكُونُوا خَيْرًا مِنْهُمْ وَلا نِسَاءٌ مِنْ نِسَاءٍ عَسَى أَنْ يَكُنَّ خَيْرًا مِنْهُنَّ) (الحجرات/ 11). واللّمز والتنابز بالألقاب قُبح: (وَلا تَلْمِزُوا أَنْفُسَكُمْ وَلا تَنَابَزُوا بِالألْقَابِ بِئْسَ الاسْمُ الْفُسُوقُ بَعْدَ الإيمَانِ) (الحجرات/ 11). ويمكن القول إنّ كلّ ما أمر به القرآن جميل وكلّ ما نهى عنه قبيح. كما تقدّم لنا الأحاديث الشريفة هي الأخرى تربية جمالية واسعة، فالأحاديث التي تحث على ترتيب الشعر وتقليم الأظافر ووضع الطيب وتجنّب الروائح الكريهة لأنّها تخدش حاسّة الشم، وتنهى عن رفع الصوت أو التكلّم بالكلمات النايية لأنّها تخدش حاسة السمع، وتنهى عن الأكل أو الشرب في الإناء المكسور وتدعو إلى النظافة والوضوء والغسل حتّى لا نخدش حاسّة النظر، وتلك التي تدعو إلى ملاقاة الإخوان بوجه طلق "تبسّمك في وجه أخيك صدقة"... هذه وغيرها كثير تخل في إطار التربية الجمالية علاوة على ما فيها من معانٍ كثيرة أخرى. 13- الجمال في داخلنا.. فلنبحث عن مكامن الجمال في أنفسنا أوّلاً وفي الآخرين ثانياً.. ويوم نمتلك العين الجميلة والإحساس الجميل تنقلب الرؤية إلى رؤى والنص أو المشهد أو الفعل الجميل إلى حركة نابضة وإلى طقس نتنفّس فيه أريج الجمال. 14- المظاهر غالباً ما تكون خادعة، فقد نظلم مظهراً يخبّئ خلفه جوهراً ثميناً، وقد نثمّن مظهراً لا ينطوي إلّا على خواء، وفي المثل "ما كلّ ما يلمع ذهباً" وفي الآخر "ليس كلّ أبيض طحيناً". وقيل أيضاً: "لا تحكم على الحصان من سرجه".. جرّبه في العدو.. جرّبه في المسافات الطويلة.. فجمال السرج ليس دليلاً على جمال الحصان. | |
|