THF Admin
عدد الرسائل : 4613 تاريخ الميلاد : 11/10/1984 العمر : 40 البلد و المدينة : Algeria - Bouira - Palistro العمل/الترفيه : Maintenance system informatique - MSI المزاج : في قمة السعادة السٌّمعَة : 5 نقاط : 2147483647 تاريخ التسجيل : 16/08/2008
| موضوع: من ضوابط النقد البنّاء الأحد أكتوبر 25, 2009 8:56 pm | |
| من ضوابط النقد البنّاء
* محمد عادل فارس من أكثر الأمور إشكالية: إصدارُ حكم على النقد، بأنه بنّاء أو هدّام! فكل من أراد أن يوجّه نقداً للآخرين (من أفراد وأحزاب ودول..) سيزعم أن نقده بنّاء، وأنه يبتغي وجه الله، ويمارس حقه في كشف الخطأ والزيف، والتحذير من الانحراف، وتقديم النصيحة، والغيرة على المصلحة العامة.. وكل من يرفض النقد الموجّه إليه، قد يتذرّع بأن الناقد صاحبُ غرض شخصي، وأنه لا يعرف أقدار الرجال، ولا يلتزم بأدب الخطاب، ولا يملك الكياسة والذوق. فهل يضيع الحق والصواب، ويُعطّل النقد، بين الفريقين؟! لنعترف ابتداء بأن هناك أموراً لا يمكن الفصل فيها، ولا يعلم حقيقتها إلا الله تعالى، وهي كل ما يتعلق بالقلوب والنيّات. وإذا كنا لا نملك الحكم على ما في القلوب، فإننا نستطيع إبراز مجموعة من الضوابط التي يجب أن تحكم عملية النقد أو توجِّهها. - أول هذه الضوابط: أن النقد عمل مشروع، فهو أحد أساليب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، ولون من النصيحة "لله ولكتابه ولرسوله ولأئمة المسلمين وعامتهم". ولقد كان أهل الفضل والإنصاف يفرحون بمن ينتقدهم ويكشف لهم عيوبهم، ولو كان عدواً؛ لأنه يعينهم على معالجة هذه العيوب وتجاوزها. * تنمية الذوق: - وثاني هذه الضوابط: أن نعلم أنّ فسح المجال للنقد قد يتيح الفرصة لبعض المخربين وأصحاب الأهواء لزراعة الفتن باسم النقد! نعم. لكن نشر قيم الإيمان والأخلاق وطرق التفكير السليم.. تكشف هؤلاء وتجعل بضاعتهم كأسدة أمام الجماهير، وتنمّي الذوق الاجتماعي الذي يميز الخبيث من الطيب. - وثالثها: نذكّر الناقد ونوصيه بأن يبتغي وجه الله تعالى، وإرادة الخير وإصلاح الخلل... ولا يقصد الاستعلاء على صاحبه، أو تشويه صورته... فلا معنى لذكر عيوب في شخصه لا علاقة لها بموضوع النقد، فهناك أناس يترصدون الأخطاء والهفوات ويتصيدونها، ثم يبالغون في إبرازها وتصويرها، ويُتبعون ذلك بسوء الظن. - ورابعها: أن الناقد لا يُلْزَم بتقديم البديل الصحيح للوضع الذي يراه خاطئاً، وإن كان تقديم البديل أفضل وأكمل، فهناك من يدرك الخطأ لكنه لا يستطيع أن يقدّم صياغة بديلة، لا بأس، ويمكن لمن وقع عليه النقد أن يدرسه بموضوعيّة وجدّية، فإن وجد فيه حقاً وصواباً أخذ به، وإلا تجاوزه! * تجنب الخشونة: - وخامسها: أن على الناقد أن يتخير أفضل الأساليب في عرض رأيه، ويتجنّب الخشونة والفظاظة، مادام يقصد إحقاق الحق، وإبطال الباطل، والتوجيه نحو الأصوب.. ولا يقصد النيل من الأشخاص، والتسلّق على أكتافهم.. ولعله إذا التزم بهذا الخلق فُتحت له القلوب، وهيّأ لنقده أجواء القبول الحسن. نعم، إذا كان النقد موجَّهاً للطغاة المتجبّرين فيجب أن يكون قوياً مؤثراً، وإن أغضبهم، لأن هؤلاء في الغالب بحاجة إلى مَن يأطرهم على الحق أطراً، كما أشارت إليه الأحاديث الصحيحة. - وسادسها: أن يكون الناقد حصيفاً متوازناً، فيكتفي بالإشارة العابرة إذا كان الخلل الذي يراه يسيراً، ويشدّد ويؤكّد إذا كان الخلل الذي ينتقده خطيراً.. وهو – في كل الأحوال – مطالَب بأن يكون رفيقاً في أسلوبه، ليّناً في كلامه، لا يصل إلى التجريح والإهانة والاستفزاز. فإذا كان قول الحق أمراً مسلّماً به، لا نزاع فيه ولا مساومة عليه، فإن الأسلوب يجب أن يقترن بالحكمة، وفي توجيه الله لموسى وهارون عبرة وعظة عندما قال لهما: (إذهَبا إلى فرْعَوْنَ إنّهُ طَغَى* فَقُولا لَهُ قولاً لّيّناً لّعَلّهُ يَتَذَكّرُ أوْ يَخْشَى) (طه/ 43 – 44). * الاستبداد بالرأي: - وسابعها: أن يعلم الناقد أنه هو كذلك معرّض للخطأ والصواب، سواء فيما ينتقد أو في شؤونه الأخرى، وأن ما يقدّمه من نقد إنما هو – في الغالب – وجهةُ نظَر له، وليس أمراً يُصْدِرُه، وعلى الآخر أن ينفّذ. هناك في كل بيئة أو مؤسسة جهةٌ ما، تملك المحاسبة واتخاذ القرار وليس هذا متروكاً لكل ناقد. ومن تمام ذلك أن الناقد البصير المنصف يأخذ نفسه بالتوجيه والنصح والالتزام بالحق والصواب قبل أن يوجّه النقد لغيره، لاسيما في الموضوع الذي يجعله محل النقد، فلا يتهم الآخرين بالاستبداد بالرأي وهو مستبد برأيه، ولا يعيب على غيره العمل الارتجالي البعيد عن التخطيط وهو ارتجالي أهوج.. إن التزام الناقد بالصواب الذي يدعو إليه، يبرئ ذمته أمام الله أولاً، ويجعل لنقده قبولاً في نفوس الآخرين، وقديماً قالوا: لا تنهَ عن خُلُقٍ وتأتيَ مثلَه ***** عارٌ عليكَ إذا فعلت عظيمُ - وثامنها: أنّ من تلقّى انتقاداً من غيره ينبغي أن ينظر في موضوع الانتقاد نفسه، ولا يرفضه بحجّة أنه لم يأتِه بأسلوب حسن، ولباقة عالية! * إبراء الذمة: - وتاسعها: أنّ على من وُجِّه إليه النقد أن يبرئ ذمته أمام الله أولاً، وأمام عباد الله ثانياً، بأن يأخذ بالرأي الصحيح متى استبان له، وأن يتجاوز الخطأ متى عرفه، وأن يوضِّح الأمر للناقد إذا كان قد بنى نقده على ظنّ خاطئ. - وعاشرها: أن من سنة الحياة أن يعلو صوت النقد، وتختلط أصوات الناقدين عندما يظهر الإخفاق أو تحدُث الهزيمة... بل قد ينضمُّ إلى الناقدين من كان يسير في الركب راضياً! إنه أمر من طبيعة البشر.. وعلى "الآخر" أن يتحمل ويصبر ويتعلّم من خطئه. | |
|