THF Admin
عدد الرسائل : 4613 تاريخ الميلاد : 11/10/1984 العمر : 40 البلد و المدينة : Algeria - Bouira - Palistro العمل/الترفيه : Maintenance system informatique - MSI المزاج : في قمة السعادة السٌّمعَة : 5 نقاط : 2147483647 تاريخ التسجيل : 16/08/2008
| موضوع: الابتلاءات والمحن في حياة الانسان السبت أكتوبر 10, 2009 6:13 pm | |
| الابتلاءات والمحن في حياة الانسان عمرو خالد الابتلاء ، والله أعلى وأعلَم، حقيقة كونية. فمثلما هناك الشمس والقمر والليل والنهار والحياة والموت، يوجد الابتلاء في حياة أي إنسان. وهو شيء لابد منه، حتى لو كان مؤمناً، بل أشد الناس إيماناً وقرباً من الله عز وجل. يقول سبحانه وتعالى في كتابه العزيز: {أَحَسِبَ النَّاسُ أَن يُتْرَكُوا أَن يَقُولُوا آمَنَّا وَهُمْ لاَ يُفْتَنُونَ} - «العنكبوت/2». ثـمَّ إنَّ الأساس، الذي يجب أن تتذكره إذا ألَـمَّـت بك أيُّ مصيبة، قول الله تعالى: {لَقَدْ خَلَقْنَا الإِنسَانَ فِي كَبَدٍ} - «البلد/4». والكبد هو المكابدة أو المعاناة، بعبارة أُخرى، الابتلاء أحياناً هو القاعدة، وما سواه استثناء. المشكلة هي أننا ننسى (أو نتناسى) مع هذه الابتلاءات، أنَّ الدنيا سجن المؤمن وجنَّة الكافر، وأنَّ الآخرة هي الخير. يقول المولى عز وجل: {وَلَلآخِرَةُ خَيْرٌ لَّكَ مِنَ الأُولَى}- «الضُّحى/4». يسأل البعض أحياناً: ولماذا يَبتَلينا الله، وماذا يُريد من ابتلائنا؟ مبدئياً، لا أعتقد أنَّ هذا هو السؤال الصحيح، فكلّنا من خلق الله وعباده، ولله الأمر من قبل ومن بعد. يقول تعالى: {أَلاَ لَهُ الخَلْقُ وَالأَمْرُ تَبَارَكَ الله رَبُّ العَالَمِينَ} - «الأعراف/54». إنما من الممكن أن تسأل: ما حكمته من الابتلاء وإنزال المصائب علينا، وهل يكون ساعتها غاضباً علينا ويُعاقبنا؟ كلها حينئذٍ أسئلة مشروعة، وأجابنا الله سبحانه وتعالى عنها، في كتابه العزيز، أو على لسان نبيه الكريم، صلَّى الله عليه وسلَّم. فقد يبتلينا الله ليختبرنا ويعرف ما في قلوبنا، وهل سنصبر أم لا؟ يقول تعالى: {وَلِيَبْتَلِيَ اللهُ مَا فِي صُدُورِكُمْ وَلِيُمَحِّصَ مَا فِي قُلُوبِكُمْ} - «آل عمران/154». وساعتها، يجب عليك أن تصبر وأن تتعلم أن ما يريده الله لك خير ممَّا تريده لنفسك، مهما بدا لك العكس. ساعتها، أرجوك تذكَّر قول الله تعالى: {وَأُفَوِّضُ أَمْرِي إِلَى اللهِ إِنَّ اللهَ بَصِيرٌ بِالْعِبَاد} - «غافر/44». ولتُردِّد قوله عز وجـل: {قُل لَّن يُصِيبَنَا إِلاَّ مَا كَتَبَ اللهُ لَنَا هُوَ مَوْلانَا وَعَلَى اللهِ فَلْيَتَوَكَّلِ المُؤْمِنُونَ} - «التوبة/51». ثم لا ننسى قول الله: {وَعَسَى أَن تَكْرَهُوا شَيْئاً وَهُوَ خَيْرٌ لَّكُمْ وَعَسَى أَن تُحِبُّوا شَيْئاً وَهُوَ شَرٌّ لَّكُمْ وَاللهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لاَ تَعْلَمُونَ} - «البقرة/216». كما أنك أنت مَن تحدد تأثير المصيبة أو الابتلاء فيك. قال رسول الله، صلّى الله عليه وسلَّم: «إنَّ الله إذا أحبَّ قوماً ابتلاهم، فمَن صبر فله الصبر، ومَن جزع فله الجزع» وقد يبتلينا الله سبحانه وتعالى للإنذار. يقول تعالى: {وَمَا أَصَابَكَ مِن سَيِّئَةٍ فَمِن نَّفْسِكَ} - «النساء/79». وهذا من فضل الله علينا، إذ يجب أن نتخذ جميعاً من المصائب والابتلاءات فرصة لتعديل مسارنا والتقرُّب أكثر إلى الله. فالابتلاء قد يكون هدية من الله عز وجل لعباده. بعبارات أكثر بساطة وعصرية. تَخيَّـل أنَّ رصيدك من الحسَنَات قارب على النفاد، فماذا ستفعل؟ هل تنتظر حتى ينفد أم تشحنه من جديد؟ الابتلاءات هي «كارت الشحن» الذي يحميك من سماع عبارة: «عفواً لقد نفد رصيدكم». يقول رسول الله، صلَّى الله عليه وسلَّم: «ما من شيء يُصيب المؤمن، حتى الشوكة تُصيبه، إلاَّ كتب الله له بها حَسَنَة أو حطّت عنه بها خطيئة». ويقول المصطفى، عليه الصلاة والسلام: «إنَّ الرجل لَيصيبه البلاء حتى يمشي على الأرض، وما عليه من خطيئة». ويقول خاتم الأنبياء والمرسلين في حديث شريف آخَـر: «إذا أحَـبَّ الله عبداً حَمَاه الدنيا، كما يظل أحدكم يحمي سقيمه الماء». يعني أنَّ ربنا سبحانه وتعالى، يحميه من الدنيا ويحرمه من بعض ملذاتها وشهواتها، ويبتليه بمصائبها، بالضبط كما يحمي بعضنا المريض أحياناً من الماء، إذا كان خطراً على صحته، مع أنه حلال. أفلا تكون الابتلاءات حينئذ هدية؟ في ابتلاءاتك تذكَّر دائماً الأنبياء وما ابتلوا به. تذكَّر أنك لست بأفضل من آدم، الذي أخرج من الجنَّة، ولا أحسن من سيدنا نوح، الذي لم يؤمن به ابنه فمات غَرَقَـاً، ولا أحسن من سيدنا إبراهيم، الذي رموه في النار التي كانت برداً وسلاماً عليه بإذن الله، والذي أمره ربنا سبحانه وتعالى بذبح ابنه، فكاد يفعلها امتثالاً لأمر الله، ولا أحسَن من سيدنا موسى، الذي رمته أمه في اليَـمِّ في قلب تابوت، ولا أحسن من سيدنا أيوب الذي مرض لسنوات طوال، فصار مَضرِب المثَل في الصبر، ولا أحسن من يونس، الذي ابتلعه الحوت ولم يُخرجه سوى أن استجاب الله لدعائه، ولا أحسن من سيدنا لوط، الذي كانت زوجته عاصية، ولا من سيدنا يوسف، الذي كَــادَ له إخوته، والذي دخل السجن لأنه لم يعصِ ربه، ولا أحسن من خاتم الأنبياء والمرسلين، الذي فقد أبوه وفقد أمه وفقد جده وهو طفل، والذي آذاه الكفار وكانوا يسبّونه قبل أن يُخرجوه من مكة مُرغَمَاً، هرباً من أذاهُم. أنتَ لست بأفضل عند الله من كل هؤلاء. فلماذا لا تصبر مثلما صبروا؟ يقول الله تعالى: {وَلَنَبْلُوَنَّكُم بِشَيْءٍ مِّنَ الخَوْفِ وَالْجُوعِ وَنَقْصٍ مِّنَ الأَمْوَالِ وَالأَنفُسِ وَالثَّمَرَاتِ وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ * الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُم مُّصِيبَةٌ قَالُوا إِنَّا لِلهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ * أُوْلَئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَوَاتٌ مِّن رَّبِّهِمْ وَرَحْمَةٌ وَأُوْلَئِكَ هُمُ المُهْتَدُونَ} - «البقرة/155-157». اشكُر الله على بلائك، واصبر عليه، واحمده سبحانه وتعالى، على السرّاء والضرّاء. | |
|