THF Admin
عدد الرسائل : 4613 تاريخ الميلاد : 11/10/1984 العمر : 40 البلد و المدينة : Algeria - Bouira - Palistro العمل/الترفيه : Maintenance system informatique - MSI المزاج : في قمة السعادة السٌّمعَة : 5 نقاط : 2147483647 تاريخ التسجيل : 16/08/2008
| موضوع: الصديق الحقيقي..يُعرف في أوقات الشدة الأربعاء أغسطس 05, 2009 12:09 am | |
| الصديق الحقيقي..يُعرف في أوقات الشدة * د. سمير يونس الإنسان منا يحتاج إلى الأصدقاء، في الشدة والرخاء على السواء، لكنه إلى أصدقاء الشدة أحوج، فهو يحتاج إلى أصدقائه في أتراحه أكثر من احتياجه إليهم في أفراحه، يحتاج إليهم في ساعات المرض أكثر من احتياجه إليهم في ساعات الصحة والعافية، يحتاج إليهم في مواقف الخوف أكثر من احتياجه إليهم في مواقف الأمن، يحتاج إليهم عند الفقر والحاجة أكثر من احتياجه إليهم في أوقات الغنى والكفاية. أجل.. فقد يُقبل الناس عليك في أفراحك ويحجمون في الأحزان والأتراح، يكثرون عند الصحة ويقلّون عند المرض، يتدافعون إليك عند أمنك وسلامتك، ويعزفون عند خوفك وهلعك، يقبلون على مجالس الأغنياء ومخالطتهم، ويعرضون عن مجالس الفقراء ومخالطتهم. - توجيهات قرآنية في الصداقة لو كان إنسان مستغنياً عن الأصدقاء لكان رسولنا محمد (ص)، فبرغم أن أصحاب رسول الله (ص) هم المستفيدون من صحبته، فإن رب العزة سبحانه وتعالى وجهه إلى الاستمساك بأصحابه الأخيار، فقال تعالى: (وَاصبِرْ نَفسَكَ مَعَ الذينَ يَدْعُونَ رَبّهُم بِالغَداة وَالعَشِيّ يُريدُونَ وَجْهَهُ وَلا تَعْدُ عَيْناكَ عَنْهُم تُريدُ زِينَة الحَياة الدُنْيا وَلا تُطعْ مَنْ أغْفَلنا قَلْبَهُ عَن ذِكْرِنا وَاتّبَعَ هَواهُ وَكانَ امْرُهُ فُرُطاً) (الكهف/ 28). ولقد عبر القرآن الكريم عن الصديق بعدة أسماء، منها: صاحب، خليل، أخ، رفيق، وكلها تشير إلى رابطة الصداقة والأخوة الإسلامية، التي يتعاون أعضاؤها دائماً على البر والتقوى والخير، ويعين بعضهم بعضاً على تجنب المعاصي والمنكرات. - الصديق العدو والصديق الباقي قد يتبع المرء هواه في اختيار صديقه، فيصاحب أهل الهوى والشهوات، تدفعه إلى ذلك نزواته وشهواته، متحللاً من قيمه وأخلاقياته، ودينه وثوابته فيضل في مستنقع من الشهوات التي لا تورث إلا ندماً في الدنيا والآخرة.. وسرعان ما ينقلب الصديق وفق هذه العلاقة عدواً، فإن لم يحدث ذلك في الدنيا، فإنه لا محالة سيحدث في الآخرة، يقول رب العزة سبحانه: (الأخِلاءُ يَوْمَئِذٍ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌ إلا المُتّقِينَ) (الزخرف/ 67). - تجربة شخصية رزقني الله تعالى من الأولاد ثلاثة، إبني الأوسط يجيد مهارات التفاوض، وكثيراً ما كان يجادلني مطالباً بوقت أطول أقضيه معهم في البيت أو التنزه، وكنت لا أستطيع أن أعطيه ما يتطلع إليه، وكانت من بين مبرراتي، أني رجل عليّ أعباء كثيرة لطبيعة عملي كعضو هيئة تدريس بالجامعة، لي أبحاثي وكتبي وقراءاتي، كما أن لي أصدقاء كثيرين، وكنت أقرأ في عيني ابني وتعبيراته تحفظاته على كثيرة الأصدقاء، فهم- في نظره- يجورون عليه في حقه من الوقت والاهتمام به من جانبي، وكنت دائماً أحاول إقناعه بأهمية الأصدقاء دون جدوى. وذات يوم خرجت في نزهة عقب صلاة الجمعة، وركبت سيارتي، وبجواري زوجتي وخلفي ابني الأوسط وابنتي، وهي أصغر أولادي، وفي الطريق فوجئت بسيارة تنطلق تجاهنا بسرعة مذهلة فانحرفت ناحيتي ودعمت سيارتي من الجناح الأيسر الأمامي، وطاحت إلى أقصى الاتجاه المعاكس، وأدى الحادث إلى خلع عظمة ترقوتي، وإحداث شرخ بعظمة الكتف، وبفضل الله نجوت أنا وزوجتي وإبني وإبنتي، وما كدنا نصل إلى المستشفى عن طريق الإسعاف إلا ووجدت جمعاً كبيراً من أصحابي حولي وحول أسرتي، منهم الأطباء ومنهم المهندسون ومنهم الصحفيون ومنهم المحاسبون ومنهم القانونيون ومنهم... ومنهم... فلازموني في أثناء فترة الملاحظة بالمستشفى، وأتى بعضهم بزوجاتهم فلازموا زوجتي كذلك، بل اتى بعضهم بأبنائه ليصاحبوا إبني ويؤانسوه. ونظر إبني فوجد الجميع حوله يتسابق كل منهم في قضاء حوائجنا ومصالحنا، وشعر إبني هنالك بالطمأنينة لوجود هذا الجمع الطيب حوله يقوم على راحته، ولم يكلفنا عناء التفكير في أي شيء، ولقد كنت أنظر في وجوههم الطيبة المشرقة فتسكن بها جراحي وتهدأ بها آلامي، فالجميع يواسوننا، يتنافسون في إحضار الطعام والمشروبات، وتخليص التقارير والأوراق الخاصة بالمستشفى أو بالتحقيقات، وفي نفس زمان الحدث ومكانه نطق ولدي معبراً عن المشاعر الجياشة والعواطف المؤثرة التي سيطرت عليه، ودار بينه وبين والدته حوار يؤكد تأثير بسلوكهم وخلقهم في إقناع إبني بما لم أنجح أنا في إقناعه به سنين عدداً، لقد دار بينه وبين والدته الحوار التالي: الإبن: مَنْ هؤلاء جميعاً يا أمي؟ الأم: هؤلاء أصحاب أبيك؟ الإبن: ولماذا يقومون بهذا كله؟ الأم: لأنهم أصحابه، يحبهم ويحبونه. الإبن: وهل كل الأصحاب يصنعون ذلك؟ الأم: لا بالطبع، ولكن هؤلاء أحبّ بعضهم بعضاً في الله، لا لعلة دنيوية، ولا لمصلحة شخصية، إنم هي أخوّة في الله. الإبن: الآن يا أمي اقتنعت بأهمية الصحبة الطيبة والأخوة وعذرت أبي، وإني لفخور بأبي وبأصحابه. | |
|