THF Admin
عدد الرسائل : 4613 تاريخ الميلاد : 11/10/1984 العمر : 40 البلد و المدينة : Algeria - Bouira - Palistro العمل/الترفيه : Maintenance system informatique - MSI المزاج : في قمة السعادة السٌّمعَة : 5 نقاط : 2147483647 تاريخ التسجيل : 16/08/2008
| موضوع: آفات الشباب الأخلاقية الثلاثاء مايو 26, 2009 8:30 pm | |
| آفات الشباب الأخلاقية أحمد الصادقي ألف: الغرور والعجب ان الغرور والعجب مرض نفسي ينخدع به الإنسان فيقع فريسة التوهم والتصورات غير الواقعية، فلا يعود مدركاً لحقائق الحياة، والغرور والعجب ناشئان من الجهل وعدم إدراك الواقعيات وحقائق الحياة ومسائل عالم الوجود ولذلك كلما زادت القدرة الفكرية والعقلية لدى الإنسان واتسعت معلوماته وتجاربه واصبح واعياً وعالماً، قلّت عنده نسبة الغرور والعجب والانانيّة. يقول أبو حامد الغزالي: (كل ما ورد في فضل العلم وذمّ الجهل فهو دليل على ذمّ الغرور، لأن الغرور عبارة عن بعض أنواع الجهل). وبرغم أن هذهِ الصفة القبيحة قد تكون لها جذور وراثية، وتساعد عليها الظروف الخاصة لمرحلة الشباب، ولكن لكي يسعى الإنسان إلى معالجتها والوقاية من أخطارها عليه أن يبحث عن جذورها في وجوده بغية القضاء عليها. وكما قلنا فإن أهم مايدعو إلى الغرور هو الجهل وعدم الوعي وهو كامن وجود الإنسان ويخلف آثاراً مدمّرة. قال الإمام علي (ع) بشان خصلة الجهل القبيحة: (اعظم الجهل، جهل الإنسان أمر نفسه). ومع الإلتفاف إلى ان المغرور- خاصةً في مرحلة الشباب والمراهقة- يُبتلى بنوع من السذاجة والأنانية المفرطة، ويذهب به الخيال إلى درجاته القصوى، فيتصور نفسه عظيماً وعالماً وفاهماً وانه اعقل من الجميع، ويرى غيره متخلفاً وجاهلاً ولا يعدل شيئاً، وبذلك يحرم نفسه من الإستفادة من تجارب غيره، ولا يسعى إلى رفع نواقصه. وقد وصف الإمام علي (ع) الغرور بأنه نوع من السكر المزمن وقال: (سكر الغفلة والغرور أبعد افاقة من سكر الخمور). وقال موريس دبس: (ان جنون العظمة مثل حب الشباب يُعدُّ من أمراض فترة الشباب، إذ أن الإفراط وسوء الإستفادة من الإستدلالات التي تبدو منطقية في ظاهرها، على الخصوص جدلهم تجعل أفكار الشباب قبيحة للغاية، فيغترون بقوة استدلالهم على اثبات احقيتهم، ويتكلمون بضرسٍ قاطع، بل يُبتلى بعضهم بالانهماك في المقارنة الضد والنقيض!). ومع الالتفات إلى هذه المخاطر والأضرار الأخلاقية الناشئة عن الغرور والعجب، تتجلّى ضرورة البحث في اهم عوارضه واضراره بغية إيجاد الحلول اللازمة: 1- الانا والإعتزال ان المغرورين يقعون في اسر التصورات الخاطئة ويحبسون انفسهم في بيوت عنكبوتية من الأوهام حتى ينكرون كلَّ ما سواهم. وفي ظل هذهِ الظروف يرى المغرور نفسه ممتازاً عن الآخرين، مما يؤدي بالآخرين إلى تجنبه والاستياء منه، وبذلك يبقى وحيداً فريداً، ومن ثم تجرّه هذه الوحدة إلى الأمراض النفسية والعقد الروحية! 2- الجهل ان منشأ الغرور وان كان هو الجهل وانعدام الوعي، الا ان التمادي في الغرور وحب الذات يؤدي بالمغرور سواءٌ اكان شاباً متعلماً أو في أي مستوىً آخر إلى الوقوع في شباك التكبر والنخوة والإستغناء عن الآخرين، فيمتنع حتى من الإستفهام والإستفسار من الآخرين برغم جهلة واحتياجاته العملية في الحياة فيبقى على ما هو عليه من الجهل! فعلى هؤلاء الاشخاص الإلتفات إلى امرين: 1- يرى الإمام علي (ع) الجهل مساوياً للموت، ويرى الجاهل ميتاً بين الاحياء، وان اعتبر نفسه حياً، قال الإمام (ع): (الجهل موت)، وقال: (الجاهل ميت بين الاحياء)، وقال: (الجهل في الإنسان أضرُّ من الآكلة في البدن). 2- علينا ان لا نغتر بما تعلمناه من دروس ومصطلحات أو حصلنا عليه من معلومات وتجارب قليلة وانما علينا أن نذعن بأننا لا نزال نجهل الكثير من جزئيات مسائل الحياة وكلياتها، ولا يزال امامنا طريق طويل وشاق لبلوغ كنهها. يقول الدكتور (جان لاباك افيبوري) المنجم والعالم الطبيعي الانجليزي الشهير: (لو كنا نعرف العالم أكثر من معرفتنا الحالية، أو كان بإمكاننا قياس معلوماتنا إلى مجهولاتنا، لكان لنا رأي آخر، ألا أن الحقيقة هي ان معلوماتنا إذا قيست إلى مجهولاتنا ستكون نسبتها المئوية ضئيلة جدّاً؛ إذ اننا نعيش في خضم علل وقوى مختلفة لازلنا نجهلها؛ إذ لا زلنا في مدرسة الطبيعة الكبيرة نعدّ بمنزلة الأطفال المبتدئين، فنرى كثيراً من الأشياء دون أن ندرك أسرارها، وان معلوماتنا بمثابة قُطر الدائرة وان مجهولاتنا بمثابة محيط الدائرة، فكلما اطلنا قطر الدائرة، نكون قد وسّعنا في محيطها؛ لماذا نذهب بعيداً؟ فلازلنا نجهل انفسنا ولا نعرفها، وما هي علاقتنا بالطبيعة؟ بل أننا لا نعلم شيئاً، ويتعين علينا ان نضع علامة استفهام امام كل شيء! 3- اختلاق المعاذير ان من اضرار الغرور الكبيرة جداً اختلاق الاعذار التي تحول دون تهذيب النفس والتكامل المادي والمعنوي، وذلك لأن الشخص المغرور حينما يرى نفسه كبيراً وفاهماً وخالياً من العيوب والنواقص، فإنه نادرً ما يتقبل النقد، وقلّما يسعى إلى محاسبة نفسه والتعرف على عيوبها والحيلولة دون وقوعها في الأخطاء، وبذلك يظل قابعاً في أودية الإنحراف والإنحطاط والجمود والتخلف! قال الإمام الصادق (ع): (فمن اعجب بنفسه وفعله فقد ضلَّ عن منهج الرشاد وادعى ما ليس به). وقال الإمام علي (ع): (كفى بالمرء منقصة أن يعظّم نفسه). وقال الشاعر: ملأى السنابل تنحني بتواضع والفارغات رؤوسهن شوامخ ب: آفة سوء الظن يعد سوء الظن من تبعات مرحلة الشباب، وإذا تجذّر سوء الظن وتحول إلى صفة ملازمة، فينبغي عدّه مرضاً نفسياً وآفة أخلاقية. وقد وصف الإمام علي (ع) الشخص المبتلى بسوء الظن بالآخرين بأنه مريض وعليل، وعدّ سوء الظن آفة التدين، وقال بشأن واحد من أضرار سوء الظن في مجال العلاقات الإجتماعية: (من غلب عليه سوء الظن لم يترك بينه وبين خليل صُلحاً). وقال الدكتور (جان لاباك آفيبوري) العالم الإنجليزي الشهير: (ان سوء الظن يعدّ حاجزاً بيننا وبين الآخرين، وحائلاً دون توثيق العلاقات فيما بيننا لننعم بالوفاء والحب). كما ذكر الإمام علي (ع) في مواطن أخرى أن سوء الظن يفسد العبادة ويشل حركة الحياة ويؤدي إلى ظهور الفساد والشر والضياع في العلاقات الإجتماعية. وعلى كل حال فإن سوء الظن مشكلة نفسية، وأن بوادره كامنة في وجود الأشخاص، ولمعالجة هذه المشكلة وتغيير رؤية الإنسان لأبناء جلدته والإستفادة ومن مواهب الحياة بشكل طبيعي وإيجابي على الإنسان ان يتقدّم بوعي وتفكير وإيمان. يقول الدكتور آفيبوري: (علينا ان نعترف بأنَّ منشأ بؤسنا كامن في عالمنا الداخلي والنفسي لا في عالمنا الخارجي المحيط بنا). التهرب من المسؤولية! نشاهد في هؤلاء الأشخاص وعلى الخصوص الشباب منهم، ان سوء الظن يتجلّى فيهم كذريعة للتهرب من المسؤولية، ولكي يخفوا نواقصهم الأخلاقية ويتهربوا من السعي وراء الأعمال الإيجابية فإنّهم يلقون باللائمة على غيرهم ويتهمون الآخرين بعدم الوفاء ويتهمون حتى أولياء أمورهم بالعداوة وعدم الإخلاص لهم! ومثل هذه التصورات في غاية الخطورة، وان الإستمرار عليها لا يحل لهم اية مشكلة، بل ستضاعف من مشاكلهم على مرَّ الأيام. طرق العلاج فعلى هؤلاء الأفراد ان يلتفتوا أولاً إلى ما قاله الإمام علي (ع) من انهم يفسدون عبادتهم!، وثانياً إلى انهم سوف لا يحصلون من المخلصين لهم الا على خيبة الأمل، وثالثاً انهم مع ابتلائهم بهذا المرض سوف لا يبقى لهم سوى أمل قليل بالنجاة! ومن هنا تتجلّى ضرورة تحطيم الغرور وبناء النفس من خلال العثور على العيوب والنواقص، والإستفادة من النقاط الإيجابية لدى الآخرين. واما بشأن علاج هذا المرض النفسي فعلى الإنسان ان يختلي بنفسه في وقت مناسب وفي جوَّ هادئ يكون فيه مسيطراً على اعصابه، فيبدأ بطرح الأسئلة التالية على نفسه: 1- هل انا بريء من العيوب والنواقص؟ 2- الم يصدر مني خطأ تجاه الآخرين؟ 3- هل ان جميع افعال من نسيء الظن بهم خاطئة؟ 4- الا توجد في الشخص الذي نسيء الظن به نقطة إيجابية؟ العناد والخصومة ان المرض النفسي والأخلاقي الآخر الذي يبتلى به أكثر الشباب وفقاً لمقتضى سنّهم، هو مرض العناد والخصومة، ومنشأ العناد هو الغضب وحدَّة المزاج، وقد عرَّف الإمام علي (ع) الغضب بقوله: (الحدة ضرب من الجنون لأن صاحبها يندم، فإن لم يندم فجنونه مستحكم). وعليه إذا تبدل جنون الغضب إلى جنون العناد والخصومة والتمرد، فإن الإنسان سيقع تحت وطأة أزمة أخلاقية وروحية قاسية وتصدر منه أعمال وتصرفات جنونية! ولكي نتعرف عواقب العناد والإستبداد بالرأي بشكل أفضل ليتسنى لنا علاجه، علينا ان ندرس الكلمات الحكمية التي صرح بها الإمام علي (ع): (راكب اللجاج متعرّض للبلاء). (اللجاج يفسد الرأي) (اللجاج يشين النفس). (اللجاجة تسل الرأي). والآن علينا أن ندرك- من خلال الالتفات إلى أن العناد يساوي سلب الإرادة والعقل وتدبّر العواقب، وان الإنسان المعاند انما يركب الصعبة التي لا يلعم الهوة التي ستسقط فيها- كم هو عدد البائسين الذين اصرّوا بغباء وعناد على الفرع الدراسي أو اختيار الصديق أو الوظيفة والحرفة والزواج وسائر أمور الحياة الأخرى، فلم يجنوا سوى الأضرار المادية والمعنوية الهائلة الموجعة والمخجلة والمأساوية التي لا يمكن تلافيها. اجل، كما يقول الإمام علي (ع): (اللجاج أكثر الأشياء مضرة في العاجل والآجل)، وأحياناً تتسع آثار دائرة العناد إلى ما هو أبعد من الحدود الشخصية والعائلية، وكما يقول الإمام علي (ع): (اللجاج ينتج الحروب ويوغر القلوب). العلاج القاسي ان تصرفات المعاندين تتصف أحياناً بالطيش والجنون حتى انهم قد يحرقون انفسهم بلهيب عنادهم، ويمكن حينها ان نشبههم بذلك الحيوان الذي حاول ان يتهرب من حمل متاع صاحبه إلى منزله فالقى بنفسه في البئر ومات غراقاً! وعلى كل حال فإن معالجة هذا المرض في غاية صعوبة؛ إذ ان الذي يبتلى به بحاجة ماسّة إلى الوعي والتجربة وسماع النصيحة ومجاهدة النفس وبنائها. وقد روي عن الإمام علي (ع): (أعسر العيوب إصلاحاً العجب واللجاجة). وعليه يتعيَّن على الأولياء والمعلمين وكذلك الشباب واليافعين فيما لو كانوا قد ابتلوا- لا قدَّر الله- بهذا المرض ان يسعوا إلى معالجته قبل قوات الأوان؛ فإنه إذا تجذر المرض فسيكون الأمر كما قال القائل: (من لم يؤدبه الأبوان ادبه الزمان، ومن لم يؤدبه الزمان أدبه سهم مسموم). المصدر: كتاب مقالات في التربية الروحية والأخلاقية | |
|