حكايتان معبرتان/فاطمة أحمد

حكايتان معبرتان/فاطمة أحمد
جلس احد الصيادين على ساحل البحيرة، وهو يندب حظه العاثر، فهو لم يجد صيدا، وليس لديه ما يعود به إلى عائلته هذا اليوم.
لقد امضى ليلته ساهرا قلقا ينظر بخوف إلى هذه الامواج العاتية التي تستشيط
كلما وصت اليه وكأنها تريد ابتلاعه، في تلك الاثناء وحيرته قائمة في نفسه
تحدثه باحاديث الخوف وسوء الطالع جمع مقدارا من الحصى يعبث بها ويعدها،
وكانت الشمس لم تشرق بعد، وراح يرمي بالحصيات التي والكيس في الماء واحدة
تلو الأخرى.
في ذلك الوقت اشرقت الشمس، واضاءت المكان بنورها الفاضح، لم يبق في الكيس
الا واحدة امسكها بيده يريد رميها كاخواتها، وبينما الحصاة المتبقية في
يده ضربتها الشمس بنورها فاشرقت وتموجت، فعرف الصياد ان ما كان يرميه من
هذه الحصى في الماء انما هو لؤلؤ ثمين، ولم يبق بيده من هذا الكنز الا هذه
اللؤلؤه التي انقذتها الشمس بطلوعها عليها.
جن أحدهم فذهب به إلى مستشفى الأمراض العقلية ليعالج هناك، كان هذا
المجنون يتوهم نفسه الاسكندر الكبير، فهو يأمر، وينهى، ويدرب المقاتلين،
ويجمع القواد، ويعسكر الجيوش، ويقيم المؤتمرات، كل هذا يحدث له في خياله
وهو مستأنس بمملكته الوهمية هذه، وهي نعمة كبيرة أن يرى نفسه هكذا فلا
يشقى لما به من عوز.
وبعد مدة من العلاج بكل ما اخترع وابتدع من هذه الادوية والمعدات،
كالصعقات الكهربائية، والعلاجات المعالج فرحا بشفائه وعودته انسانا سويا
كبقية الناس الاسوياء وقال له: بإمكانك المغادرة والالتحاق بالمجتمع حيث
اهلك واولادك فقد شفيت تماما من دائك.
المريض وقد خيم عليه الحزن وراح يبكي بصوت مرتفع:
اعلم ذلك، لقد شفيت من مرضي ولكني لست مسرورا بهذا الشفاء.
فقال الطبيب متعجبا إذ ظنه سيطير من الفرح والسرور بعودة عقله وجوهرته التي فقدها وهي عقله الذي لا يثمن:
لماذا؟! الست فرحا بأنك شفيت، وستمارس حياتك بين الناس بصورة طبيعية، فلا أحد يسخر منك، ولا أحد يضحك عليك؟!
اجاب الرجل: لماذا لا ابكي؟، لقد دخلت المستشفي وأنا احسب نفسي الاسكندر
الكبير، وكنت اتصور الناس يحترمونني يصفتي الاسكندر ويأتمرون بامري، والأن
انا لم اعد شيئأ، هل هذا فيه ما يفرحني؟، لقد كنت رجلا عاديا خرج من حالة
الجنون مقدرا ذا قيمة، والآن اصبحت رجلا عاديا خرج من حالة الجنون إلى
حالة الناس الاسوياء. ارجوك يا دكتور عالجني، وعد بي إلى حالتي الأولى فهي
خير لي الف مرة، لاصبح شخصا مرموقا ولو بالتوهم على الاقل.
المصدر: مجلة الرياحين.

مشكووووووووووووووووووور على هذه القصة