THF Admin
عدد الرسائل : 4613 تاريخ الميلاد : 11/10/1984 العمر : 40 البلد و المدينة : Algeria - Bouira - Palistro العمل/الترفيه : Maintenance system informatique - MSI المزاج : في قمة السعادة السٌّمعَة : 5 نقاط : 2147483647 تاريخ التسجيل : 16/08/2008
| موضوع: لماذا تختلف المجتمعات فيما بينها؟؟ السبت يناير 10, 2009 7:52 pm | |
| لماذا تختلف المجتمعات فيما بينها؟؟ في بعض المجتمعات تقدم التحية تقليديا على نحو: صباح الخير، كيف حالك؟ فيجيب الآخر: أنا بخير... أشكرك، لكن في مجتمعات أخرى تختلف التحيات بتعابير مميزة مثال: - الإيطاليون يقولون عند تحيتهم لبعضهم: كن قويا! - اليونانيون يقولون: ابتهج. - الفرنسيون يقولون: كيف تجد نفسك اليوم؟ - الهولنديون يقولون: كيف تكون؟ - الصينيون يسألون عن صحة المعدة: هل أكلت رزك جيدا؟ هل معدتك في انتظام؟ - البولونيون يقولون: هل أنت مسرور؟ - الروس يقولون: كن مبسوطا؟. ماذا لاحظت في هذه التحيات، اختلاف في طريقة السؤال عن الحال رغم أن مجملها واحد من حيث الغاية والقصد، وهكذا يكون حالنا حين نختلف في فهمنا أو حكمنا على الأمور، كل يطرح المسألة من وجهة نظره، من خلال آرائه ومفاهيمه التي تتكون إما من رواسب تربوية أو بناء على أبعاد ثقافية وظروف اجتماعية أو عملا باتجاهات سياسية، أو أنها أنها نتيجة فوارق ديموغرافية التي نتميز بها طبيعيا في حياتنا وفق مؤشرات: العمر، الجنس، المنطقة، المستوى الاجتماعي، وغيرها... مثل هذه الفوارق يفسرها علماء الاجتماع والنفس في ثلاثة اتجاهات متباينة: * الاتجاه الأول: يتمثل بالخصائص البيولوجية (الجسمية) كما في اختلاف السلوك بين الرجال والنساء، كقولنا مثلا: - إن الذكور عدوانيون متسلطون أما الإناث فهن سلبيات وخاضعات. - إن الذكور أكثر سيطرة وتأكيدا للذات من النساء. - إن الذكور يظهرون خشونة في أساليب حياتهم وفي لغتهم وفي عواطفهم تجاه النساء. - إن النساء يكن أكثر عاطفيا وانفعاليا من الرجل. - إن النساء أقل إثارة للعدوان من الرجال لكن رد فعلهم يكون أكثر قوة من الرجال عندما يقررن الاستجابة للعدوان في نهاية الأمر. - إن النساء أكثر مسايرة، ويملن لإقامة علاقات منسجمة مع الآخرين، من الرجال. * الاتجاه الثاني: يضفي أهمية على التنشئة وتعلم الأدوار، فقد تبين ووفق بعض الدراسات الميدانية كيف أن التنشئة تساهم في اختلاف الأدوار والتطلعات، فآباء الطبقة الوسطى مثلا يغرسون قيم الإنجاز والطموح في نفوس أبنائهم في حين لا يهتم أبناء الطبقات الدنيا بذلك نظرا لظروفهم الاقتصادية الصعبة التي لا تسمح بذلك، كما تبين أن الأمهات ذوات المستويات الاقتصادية المرتفعة يعطين أهمية أكبر لقيم: اعتبار الآخر، حب الاستطلاع، ضبط النفس، في حين تعطي الأمهات ذوات المستوى الاقتصادي المنخفض أهمية لقيم الطاعة والنظافة... كذلك تبين أن الأفراد المنتين لمستويات اقتصادية متواضعة يولون أهمية لمسائل اجتماعية مثل: التدين، الصداقة، التسامح، التهذيب. في مقابل ذلك يعطي أفراد المستوى الاقتصادي المرتفع أهمية لمسائل أخرى مثل: الإنجاز والكفاءة واستخدام الخيال. * الاتجاه الثالث: وهو لا يقوم لا على الجنس ولا على الدور وإنما على تصورات اجتماعية- ثقافية- نفسية، أي ما يحمله الناس تجاه بعضهم البعض من تحيز وتميز مما يجعلهم مختلفين ويختلفون بناء على موقف سلبي يجعل أحدهم لا يستطيع التعامل مع الآخر ويتحامل عليه لأسباب عقائدية أو ثقافية أو حتى سياسية. فأنت إن امتعضت من زميل لك في الدراسة لأنه مختلف عنك في هندامه، لا يعني ذلك بالضرورة أنك تشعر اتجاهه بنوع من التحيز، ولكن عندما يكون لديك أفكار مسبقة قائمة على الفرق الديني أو العرقي أو الاجتماعي تجاه أي شخص، غذتها أنويتك الاستعلائية فهذا هو التحيز بعينه وعندما تكون أنت فردا وجماعات أمام مسأليتن. - إما إلغاء الآخر: اختصاره، تهميشه، لأنك تشعر في ذاتك بأنك الأفضل. - وإما قبول الآخر: تقديره، احترامه، لأنك تؤمن بأن التشارك والتكامل والتساند أقانيم الحياة الحقة. ولا شك أنه في الحالة الأولى يحدث التشنج والصراع الاجتماعي والتصادم الحضاري، وهذا ما لا نرغب به أو ندعو إليه. بينما في الحالة الثاني ينبع من إيمان الشعوب بأنها تتميز بخصال حضارية وتتنوع ثقافيا، ولا بد من أن تتعايش فيما بينها على مبدأ الاحترام المتبادل حتى يسود السلام وتعمر المجتمعات.. كل اختلاف لا يعني بالضرورة رفضا للآخر بقدر ما يعني إغناء للذات ورؤية للمواقف في غير زاوية، وأن يحصل الاختلاف في أي حالة فكرية أو اجاماعية مسألة طبيعية نظرا للفروق الثقافية التي تسود بين الناس أو التي يمتاز بها مجتمع ما عن آخر، هذا ما يسميه عالم الاجتماع البريطاني "أنطوني غدنز" بالتمركز الأثني، ومعناها: أن لكل ثقافة أنماطا فريدة من السلوك قد تبدو غريبة لمن ينتمون إلى مجتمعات وثقافات مختلفة، ويستطيع المرء أن يلاحظ ذلك عندما يسافر إلى أماكن غريبة عنه بالعادات والتقاليد ويلاحظ الاختلاف في تصرفاتهم وطرق حياتهم، فيصاب بالتشوش والحيرة ويجد نفسه مختلفا مثلما يجد الآخر نفسه كذلك عندما يزوره في بيئته ويشاهد عوائده. مثل هذه المفارقة يشار إليها في العلوم الاجتماعية بالنسبة الثافية، أي أسلوب الحياة الخاص بجماعة ما الذي يختلف بدوره عما لدى جماعات أخرى. لهذا وإزاء أية حالة اختلاف: (وجهة نظر، موقف، ثقافة، عادات) ينبغي أن نعي أنه: - لا يمكن أن نحكم على أنماط سلوك الآخر على أنها غير مقبولة. - لا يجب أن نسفه أي اعتقاد أو رأي اعتقاد أو راي مختلف عنا بشكل سافر. - لا نستهجن ما لدى الآخر من عادات وتقاليد، فالسائد تحكمه بني ثقافية خاصة. - أن نحترم ثقافة الآخر، فباحترامنا لها نؤسس لاحترام متبادل تجاهنا. وللدلالة أسوق هنا نتائج بحث ميداني أجريته وطالباتي (خلال ربيع 2004) كان الهدف منه معرفة مدى التقرب والتباعد بين الطلاب المسيحيين والمسلمين وفق متصل علاقة الأنا بالآخر الطائفي ضمن المجتمع اللبناني (المتعدد الطوائف والمتنوع الثقافات الاثنية) شمل الاستطلاع أكثر من 150 مستجوبا مختلفي التخصصات الجامعية والأعمار والمناطق، وأهم من ذلك مختلفي المذهب الديني: مسيحيون (موارنة/ أرثوذكس/ كاثوليك) ومسلمون (سنة/ شيعة/ دروز)، عبر قائمة من الخيارات المقدمة تدرجت على سبعة مواقف يمثل الرقم واحد منها أقصى درجات التقرب الاجتماعي والرقم سبعة إحدى مؤشرات التباعد الاجتماعي، وكان على المستجوبين أن يحددوا خيارا واحدا من المقياس التالي: 1. أقبل الزواج منه. 2. أقبل صداقة فقط. 3. أقبله جارا لي. 4. أقبل أن أتشارك وإياه عمل/ زمالة فقط. 5. أقبل أن أتعاون وإياه في مشروع أو نشاط اجتماعي ما وحسب. 6. أقبله مقيما في محيطي. 7. أفضل استبعاده من الوسط الذي أسكن فيه. هذه الخيارات تعتبر من أبرز المقاييس البحثية لمعرفة المسافة الاجتماعية القائمة بين أبناء الثقافات المتنوعة. وقد استخدمناها هنا في مجتمع العينة (البقاع اللبناني) لمعرفة مدى التفاعل القائم بين الطلاب المختلفين دينيا ورصد وجهات النظر القائمة تجاه بعضهم البعض وكيف ينعكس ذلك اجاماعيا. لتظهر المعطيات ارتفاع نسبة الذين اختاروا من 1إلى3 (39% من المسلمين و27% من المسيحين) على نسبة من اختاروا 4-6 (حتى أن أحدهم لم يختر رقم 7) وهذا إن دل على شيء إنما يدل على ما لديهم من تقدير لمشاعر وأفكار الآخرين، بل هو- التقدير- من الشروط اللازمة لإقامة علاقة اجتماعية ناجحة تتسم بالمودة والإلفة والمشاركة والتعاون والمساندة، وقد تبين ذلك لدى فريق العمل من خلال عدة مجالات أبرزها: - تزايد الاتصال اليومي بين كلا الطرفين. - درجة الاحترام والشعور بالجاذبية تجاه "المختلفين". - رغبة البعض في اتخاذ أصدقاء من "الآخرين" بغض النظر عن الفوارق القائمة، "لأنه يرتاح إليه ويكتشف فيه عادات جديدة". - الرغبة في الاندماج عبر تبادل الزيارات والمشاركة في المناسبات الخاصة بكل جماعة (التهنئة بالأعياد الدينية). - إظهار نوع من المرونة الاجتماعية تتجلى في مهارات اجتماعية مشتركة، فالمسلم بنظر المسيحي: متفاهم وغير متعصب، إنساني، متعاون وبالمثل أيضا قال المسلم عن المسيحي بأنه: وفي، طامح، خلوق، متجاوب، وتحترم صداقته... كما أشار إلى ذلك أفراد العينة عندما طلب منهم أن يصف "الآخر بكلمة"!! وهكذا.. ليس بالضرورة أن يكون في كل اختلاف تعبير عن حقد أو رغبة في تميز أو احتجاج أو تأكيد ذات، ذلك أن في بعض الاختلاف أحيانا شيئا من الموضوعية، فالناس وبالرغم من انتمائهم إلى وطن واحد أو عمل واحد يختلفون في رؤياهم ولهم زواياهم الخاصة التي ينظرون منها إلى الأشياء، وكما لا يعقل أن نرى لكل الناس نفس الملامح الشكلية كذلك ليس من المعقول أن تتفق الآراء في كل المواقف/ الأشياء تماما. والاختلاف مع الآخرين في وجهة نظر حول موضوع معين مظهر جيد للحياة التعاونية السليمة التي ينبغي أن يتشارك بها الناس بهدف ابتغاء مصلحة العامة. لكن الخطر المحدق بنا في هذا الشأن هو أنه عندما تشوب مواقفنا المختلفة أغراض خاصة (كيد/ تذمر/ حقد/ ثورة/ رغبة انتقام) تؤثر في نزاهة حكمنا على الأمور وأن تتدخل في مشارعنا وفي تلوين مواقفنا الفكرية فعندها لا يكون اختلافنا موضوعيا وإنما شخصيا؛ لأن الاختلاف الموضوعي لا ينبغي أن يشوبه التعصب، الكراهية، التسفيه واحتقار وجهات النظر الأخرى. لأجل ذلك لا بد من إيجاد خصائص علاقات "الأنا والآخر" في السياقات الاجتماعية والأسرية عبر تعزيز مهارات التفاعل الاجتماعي، والارتقاء المعرفي وإبراز مجالات التقارب وصولا نحو التماثل والمرونة الاجتماعية، كي لا نبقى أسرى ذهنية التصلب والأفكار المنحطة، لأن ما يعلق الإنسان في الغالب ليست الأشياء بحد ذاتها إنما تخيلاته عن هذه الأشياء، مما يصح معه قول لشكسبير يفيد بأنه: "لا دنس إلا في العقل، ولا يدعى مشوها إلا من لا يعرف العدل...". فليقدم كل منا للآخر أعظم مسرات الحياة لأن البشر في النهاية بحاجة إلى بعضهم البعض. | |
|
rouibah مشرف متميز
عدد الرسائل : 504 تاريخ الميلاد : 18/07/1986 العمر : 38 البلد و المدينة : palistro العمل/الترفيه : Mazel المزاج : IncoNnu السٌّمعَة : 0 نقاط : 1614 تاريخ التسجيل : 20/08/2008
| موضوع: رد: لماذا تختلف المجتمعات فيما بينها؟؟ الأربعاء يناير 14, 2009 7:17 pm | |
| | |
|