THF Admin
عدد الرسائل : 4613 تاريخ الميلاد : 11/10/1984 العمر : 40 البلد و المدينة : Algeria - Bouira - Palistro العمل/الترفيه : Maintenance system informatique - MSI المزاج : في قمة السعادة السٌّمعَة : 5 نقاط : 2147483647 تاريخ التسجيل : 16/08/2008
| موضوع: ما الذي يتسبب بنشوء القلق الاجتماعي؟؟ السبت ديسمبر 27, 2008 2:55 pm | |
| ما الذي يتسبب بنشوء القلق الاجتماعي؟؟ القلق الاجتماعي هو، كما يقول كونجي، الخوف الذي يعترينا في الوضعيات التفاعلية مع الآخرين. إنه ذلك الإحساس الفيزيولوجي والنفسي الذي نشعر به حين نجد أنفسنا بين جمع من الناس، أو أمام شخص نهابه، أو شخص يطرح علينا أسئلة مركبة، أو بمواجهة شخص عدائي أو متسلط... إلخ. وأفضل مثال على ذلك هو الخجل إذ، حين نتردد بالتوجه إلى شخص أو نتجنب الحديث بين جمع من الناس، أو حين يبلغ خجلنا حد اصطباغ وجوهنا بالأحمرار، أو عند الإحساس بأننا لسنا على ما يرام بوجود آخرين، ويبدو لنا أن ما نقوله "سخيف"، أو أننا نعجز عن الكلام، ويتصبب منا العرق وتنبض قلوبنا بقوة... فإننا نعاني قلقا اجتماعيا. ومن المعروف، كما يقول دوفرو، أن القلق الاجتماعي هو أحد متغيرات الشخصية المؤثرة بالشخص: بشكل مباشر عبر الأعراض الفيزيولوجية؛ وبشكل غير مباشر عبر تأثيرها في احترام الذات من خلال التقييم الذاتي السلبي. يبدو واضحا أن هذا القلق شكل اضطرابات متعددة. ولفهمها بشكل أفضل، حاول عدة باحثين، أمثال هولت وزملائه، تصنيف الوضعيات الكامنة وراءها ضمن إطار أربع فئات كبرى، حيث نجد، تبعا لتدرج تنازلي: أ- الوضعيات التي تتطلب الاتصال بالآخرين للاستعلام (قلق الحياة الحميمة) كوجوب القيام باتصالات استعلامية، وبمحادثات عادية؛ ب- التحدث والتفاعل مع الآخرين بشكل غير رسمي (قلق أدائي)، كالتحدث ضمن مجموعة، أو الذهاب إلى حفل كوكتيل، أو التحدث مع غرباء؛ ت- القيام بسلوك توكيدي (قلق توكيدي)، كرفض طبق غير ملائم في المطعم، أو التعبير عن رأي معارض أو مناقض، أو الدفاع عن الحقوق أو عن وجهة النظر الشخصية. ث- وضعيات يكون الفرد ضمن إطارها موضع مراقبة ومحل متابعة تحت أنظار الآخرين (قلق الملاحظة)، وهو يعمل، أو يأكل، مثلا. هناك قاسم مشترك يجع بين هذه المستويات الأربعة، هو "إحساس الشخص بأنه موضع تقييم من قبل الآخرين": هذا التقييم الحاصل ضمن إطار اجتماعي معين، واقعيا كان أم خياليا، هو الذي يتسبب بنشوء القلق الاجتماعي الذي يسميه بيك وإمري "قلق التقييم". بتعبير أكثر تبسيطا، يمكننا القول إن القلق الاجتماعي هو الخوف من مواجهة بعض الوضعيات الاجتماعية، حيث يخشى الناس، بشكل طبيعي، الإحساس بالانزعاج أو بالإذلال إذا ما أظهروا مؤشرات تدل على القلق مثلا؛ أو إذا ما قالوا أو قاموا بأشياء قد تجعل الآخرين يقومون برد فعل سلبي تجاههم؛ أو الارتجاف أو حتى فقدان تسلسل الأفكار (تشوش الأفكار فجأة)، يعتبر كل منها جزءا من المؤشرات المعتادة التي تدل على القلق. من الممكن التأكيد، بشكل عام، أنه لا وجود لإنسان لا يخشى القلق الاجتماعي ولا يعيشه. لكن هذا القلق لا يعتبر مرضيا وينبغي علاجه، إلا حين يصبح حادا ويثير الألم (المعاناة)، والشلل في الحياة التفاعلية (الاجتماعية، العائلية، المهنية). وحين يكون مرضي الطابع، يمنعنا القلق من توكيد ذواتنا، ومن التواصل مع الآخرين بشكل فعال. حينذاك، يسهل علينا الإحساس بانعدام الكفاءة والعجز الذي كلما ازداد، ازداد أكثر فأكثر إحساسنا بالقلق، ومن ثم عجزنا عن توكيد ذواتنا. وهكذا، تنغلق الدائرة وتستمر في الضغط علينا: هذه الدائرة تضم ثلاثة عناصر متداخلة (القلق الاجتماعي، العجز عن التواصل والعجز عن توكيد الذات، أي الإحساس بانعدام الفاعلية). لكن، تجدر الإشارة إلى أن القلق ليس ميزة خاصة بالإنسان وحده، فالحيوانات ينتابها القلق أيضا. إنه عبارة عن مؤشر خطر يثير مجموعة من ردود الفعل الفيزيولوجية الهادفة إلى بذل مجهود مختصر ومكثف لإنقاذ الحياة: الهروب أو الهجوم. أما الفرق بين الإنسان والحيوان، فيمكن في ما يسمى "التوقع" المرتبط بمفهوم الإنسان الزمني (الماضي، الحاضر والمستقبل)، حيث يحدس الشخص دائما، بشكل عملي، بحصول المصائب التي تعرض لها في الماضي، والتي يخشاها. وهذا ما يساهم، بشكل هام، في استتباب الاضطراب عنده. وضمن إطار القلق الاجتماعي، يتركز هذا التوقع أو القفز إلى الاستنتاج على ما "سيفكر فيه الآخرون": يكمن الأهم، بالنسبة إلى الفرد المصاب بالقلق، في الأهمية التي يعطيها لنظر الآخرين ولحكمهم عليه أو على سلوكه، إذ يخشى كثيرا سخريتهم. القلق الاجتماعي هو، كما سبقت الإشارة، خوف، وإحساس بالانزعاج، يتم تعلمه، وفي المستطاع التخلص منه. لقد تم هذا التعلم (تعلم الخوف من الآخرين، مثلا)، غالبا، خلال الطفولة. لكن، من غير المجدي هنا التعرف إلى الوضعيات التي قادتنا في اتجاه هذا القلق، إلا أن كان ذلك يمكننا من التعرف إلى ما يثير الخوف في داخلنا حاليا. من المجدي بالتالي، اكتشاف ما يثير القلق في داخل أي منا، حين يكون مع أشخاص آخرين مثلا: أيكمن السبب في تسلطهم، بسبب كونهم أكبر أو أصغر سنا؟ أم بسبب كونهم من الجنس الآخر؟ في مراقبتهم؟ في أحكامهم؟ في عدوانيتهم؟ في عدم مبالاتهم؟ في ندرة تحدثهم، أو على العكس، في كثرة حديثهم حد الثرثرة؟ وبفضل هذه الأسئلة التي تطرحها على نفسك، يمكنك إيجاد مظاهر متعددة للوضعية التي تثير القلق في داخلك؛ كما يمكنك العودة إلى شبكة التواصل وشبكة توكيد الذات لتحديد هذه المظاهر. على كل شخص اكتشاف ما يجعله قلقا، لأن إدراكه له يأخذ شكل أفكار وصور خاصة به، ويمكنه، بالتالي، خفض مخاوفه عن طريق تعديل هذه الأفكار والصور. كيف؟ الأولى سلوكية، تشتمل على تقنيات الاسترخاء الهادفة إلى تعديل الاستجابات الفيزيولوجية (أحاسيس التوتر العضلي المفرط). تجمع الثانية الالتماسات (التقنيات) المركزة على بناء هرمي متدرج للمخاوف الاجتماعية، ثم على التعرض لكل منها: في الخيال، ثم في الواقع ضمن إطار من الطمأنينة النسبية. تهدف الثالثة إلى تعديل المعارف (الأفكار) السلبية عند الفرد بالنسبة إلى نفسه، وبالنسبة إلى تفاعلاته الاجتماعية. هذا ما يسمى "إعادة تشكيل البنية المعرفية". أما الرابعة، فتتمثل في التدرب على المهارات الاجتماعية (على التواصل الفعال)، وتعلم طرائق توكيد الذات التي من شأنها المساعدة على إقامة علاقات اجتماعية مثيرة للرضا لدينا. | |
|