THF Admin
عدد الرسائل : 4613 تاريخ الميلاد : 11/10/1984 العمر : 40 البلد و المدينة : Algeria - Bouira - Palistro العمل/الترفيه : Maintenance system informatique - MSI المزاج : في قمة السعادة السٌّمعَة : 5 نقاط : 2147483647 تاريخ التسجيل : 16/08/2008
| موضوع: مراهق اليوم..كيف يختلف عن مراهق الأمس؟ السبت ديسمبر 06, 2008 4:53 pm | |
| مراهق اليوم..كيف يختلف عن مراهق الأمس؟ إن مرحلة المراهقة من أخطر المراحل التي تواجه الآباء والمربين، واجتيار الشباب لهذه المرحلة بسلام يؤذن بأنه سوف يمضي في حياته صحيح النفس، سوي الشخصية، أما إذا لم يخرج منها الشباب سليما فإن ذلك يؤذن بأوخم العواقب على تكوينه النفسي وسلوكه الاجتماعي في المستقبل. ومن طبيعة الإنسان أن يبالغ في النفع كما يبالغ في الضرر، وهذا ما دعا العلماء والمؤلفون إلى أن يعتبروا هذه الفترة المعينة من حياة الإنسان أزمة من أزمات النمو، ثم انتشر هذا الاصطلاح أو المفهوم بين جمهرة القراء في العالم أجمع بشكل واسع جدا وتغلغل في صفوف الطلبة وفي مجتمعات الآباء وبين جدران المنازل. والواقع أن تصورنا للمراهقة على أنها أزمة من أزمات النمو بعيد عن الروح العلمية الموضوعية وفيه مبالغة وتجسيم وفيه قلق بالغ للآباء والأبناء. تلك سنة التطور الطبيعي في أي مجال من مجالات الطبيعية، تسير الأمور في مجراها هينة رفيقة. ثم إذا بنا أمام انتفاضة تتمخض عن حال جديد، والمشاهد السطحي لهذه الانتفاضات يتوهمها اضطرابا وفوضى ولكنه لو أمعن النظر فيها لاكتشف ما تنطوي عليه من حركة تنظيمية هي أبعد ما تكون عن الاضطراب والفوضى. لكي نفهم المراهق على نحو أفضل ينبغي علينا أن ندرك ما يحتمل في نفسه وأن نتفهم ذاته وتكوينه الوجداني بوجه عام. فهو في هذا الدور يلتفت إلى نفسه كذات مستقلة وينظر إلى خبراته كونها تختلف اختلافا كبيرا عما كانت عليه أيام مراحل الطفولة السابقة لفترة المراهقة. أما الآن في الوقت الحاضر، فقد تغير الوضع الاجتماعي والاقتصادي والتربوي كثيرا عما مضى. لقد تسربت المفاهيم الغربية إلى عقول شبابنا فاندفعوا بفعل تراخي التقاليد كممارسة حريتهم في التعبير عن عواطفهم بصراحة وأصبحت مفاهيم الحب واللذة والمتعة والحرية شعارات مقدسة عندهم. لقد أصبحت العلاقات بين الجنسين تميل أكثر فأكثر إلى السطحية والتقلب وعدم الاستقرار وربما طغت على هذه العلاقات الاهتمامات النفعية والمصلحة المادية. كما زادت اتكالية المراهق على ذويه نظرا لامتداد فترة الدراسة وتأخر الدخول في مجال العمل وهذا ما يسبب للمراهق ولذويه العديد من المشكلات الاقتصادية والاجتماعية والعاطفية. من ناحيتها سلطة الأهل أخذت تضعف بسبب تفشي مفاهيم الغرب في الحرية الفردية والاستقلال عن الأهل. وإزاء عجز بعض الأهل عن تأمين الدراسة والإعالة لأولادهم أصبحت هموم المستقبل من تأمين الدراسة والوظيفة تشغل بال العديد من المراهقين بشكل كبير. والمراهقات بات همهن التساوي مع الشباب في الدراسة والعمل من أجل الحصول على أكبر قدر من الأوراق التي يلعبنها عند اختيار شريك المستقبل. مراهق الأمس لم يكن غريبا عن المؤسسات وعن الإنتاج بينما مراهق اليوم يشعر بالعزلة عن المؤسسات في عالم متسارع الوتيرة متجدد لا يسمح حتى بالتقاط الأنفاس. المراهقة ليست فقط مشكلة الأولاد فحسب بل هي أيضا مشكلة الأهل لا سيما في المجتمعات المتمدنة حيث تطول فترة الطفولة ومن بعدها المراهقة. فالمراهقة تقضي على توازن الطفولة وتؤجج الصراعات القديمة عند الأولاد تثير كذلك المخاوف والمآزم الدفينة عند الأهل كذلك. في مرحلة المراهقة يخفف الانكفاء على الذات ومراقبة ما يجري في الداخل من تغيرات ليحل محلهما الانفتاح على عالم الكبار من أجل العمل على تحقيق التوازن بين الرغبات والإمكانات. ويأتي تأكيد الشخصية في مرحلة المراهقة بعد تقبل التغيرات التي طرأت عليها من خلال التكيف مع المجتمع كنظام من العلاقات ومع القيم والقوانين المجردة التي تحكم هذه العلاقات. إنها مرحلة الرومانسية والمجال والانطلاق، ومرحلة التذبذب قبل الاستقرار، مرحلة العمل على تحقيق التكيف مع الذات الجديدة ومع المحيط. والمراهق بشكل عام بحاجة دائما إلى من يرشده وينير له الطريق لكي يتجاوز جميع تعثرات وصعوبات هذه المرحلة، والشخص "المرشد" يلعب دورا أساسيا في حياة المراهق وقد يكون هذا الشخص غير متمثلا بالأهل فقط علما بأهمية دور الأهل ومدى فعاليته في التأثير على المراهق، فمثلا يكمن "المرشد" أحيانا في الصديق الوفي أو المعلم المربي أو الأقرباء من ذوي العائلة، وتتعدد أوجه من يعول عليهم التوجيه وتصويب المسار الذي يسير به المراهق. وتلعب القيم والمعايير الاجتماعية دورا كبيرا من خلال تأثيرها بشكل مباشر على المراهق وحياته والتي يقوم باستدخالها مجموعة من الأشخاص المؤثرين مثل الوالدين والمدرسين والنجوم والقادة الرفاق، من شأن هذا التطبيع تدعيم شخصية الفرد وزيادة الثقة في نفسه وتوسيع وتعميق الحس الاجتماعي لديه. لذلك يمكن القول بأن المرحلة الي يمر بها المراهق دقيقة للغاية من حيث التغيرات الجسدية والانفعالية العاطفية التي تترك آثارها، ويصبح في حالة من الضياع والتردد بين اختياراته وبين الواقع الذي يصطدم برغباته وميوله، لذلك نراه متخبطا بين الاتجاهات ولا يعرف أين يسير؟ أو أي اتجاه يسلك؟ ويتولد لديه شعور مزدوج بين الستقلالية والتخلي عن أهله وإثبات قدراته واعتماده على نفسه وبين الاندماج معهم وحاجته إليهم للتكيف والتوافق، يتخيل نفسه أنه أصبح رجلا كبيرا يتحمل المسؤولية ولكنه ليس سوى طفل في جسد بالغ. | |
|