THF Admin
عدد الرسائل : 4613 تاريخ الميلاد : 11/10/1984 العمر : 40 البلد و المدينة : Algeria - Bouira - Palistro العمل/الترفيه : Maintenance system informatique - MSI المزاج : في قمة السعادة السٌّمعَة : 5 نقاط : 2147483647 تاريخ التسجيل : 16/08/2008
| موضوع: كيف نخطط لثقافة المستقبل..؟ الخميس ديسمبر 04, 2008 10:51 pm | |
| كيف نخطط لثقافة المستقبل..؟
إن إمكانيات العالم العربي وقدراته ككل , المادية والفكرية من جهة , والإنفتاح مع القابلية الهائلة للتطور اللذان يطبعان الثقافة العربية من جهة أخرى , يجعلان قضية مستقبل هذه الثقافة قضية إرادة قبل كل شئ : إرادة المثقفين أولا وبالذات...) التخطيط لثقافة المستقبل , أو لمستقبل الثقافة , هو الآن من القضايا الأساسية التي تحظى باهتمام زائد في أنحاء العالم المتحضر كافة , العالم المنخرط بهذه الدرجة أو تلك في مسلسل التطور العلمي والتقاني (التكنولوجي ) الذي يطبع الحضارة المعاصرة , ذلك أن هذه الحضارة , حضارة العلم والتقانة , تختلف عن جميع الحضارات الأخرى , التي عرفها الإنسان منذ ظهوره على الأرض , بخاصية أساسية جديدة , هي التوسع والأنتشار والنزوع نحو العالمية والهيمنة , والعمل بالتالي على ضرب الخصوصيات الثقافية بتفكيك أسسها المادية والمعنوية وتغييرها , وليست ثقافات العالم الثالث , ثقافات البلدان المستضعفة في آسيا وأفريقيا وأمريكااللاتينية , هي وحدها المهددة في خصوصياتها , وبالتالي في كياناتها ذاتها , بل أن التهديد أصبح يطرق بجد أبواب ثقافات البلدان القوية نفسها , بلدان القارة الأوروبية , أما مصدر هذا التهديد , فلم يعد يخفى على أحد : إنه حضارة ذلك البلد الذي يمتلك اليوم قوة العلم والتقانة إمتلاكا ويسخرها تسخيرا في اتجاه التوسع والهيمنة معززا في ذلك بقوة المال وما يلزم عنها من قوى أخرى. وإذا فنحن سنقلل من أهمية التخطيط لمستقبل ثقافتنا وضرورته إذا نحن اقتصرنا على النظر إليه من زاوية حاجاتنا الملحة إلى الحداثة والتجديد في كل مرافق حياتنا , ذلك لأن حاجتنا الملحة إلى الحداثة والتجديد في كل مرافق حياتنا ,ذلك لأن حاجتنا , الملحة كذلك , إلى الدفاع عن خصوصيتنا الثقافية ومقاومة الغزو الكاسح الذي يمارسه , على مستوى عالمي , إعلاميا وبالتالي أيديولوجيا وثقافيا , المالكون للعلم والتقانة المسخرون لهما لهذا الغرض , لا تقل عن حاجتنا إلى إكتساب الأسس والأدوات التي لابد منها لدخول عصر العلم والتقانة , دخول الذوات الفاعلة المستقلة وليس دخول الموضوعات المنفعلة المسيرة. وإذا فالتخطيط لثقافة المستقبل في الوطن العربي يجب أن يأخذ في حسبانه , هذين الجانبين معا وفي آن واحد : نحن في حاجة إلى التحديث , أي الإنخراط في عصر العلم والتقانة كفاعلين مساهمين , ولكننا في حاجة كذلك إلى حماية هويتنا القومية وخصوصيتنا الثقافية من الإنحلال والتلاشي تحت تأثير موجات الغزو الذي يمارس علينا وعلى العالم أجمع بوسائل العلم والتقانة , وليست هاتان الحاجتان الضروريتان متعارضتين كما قد يبدو لأول وهلة , بل بالعكس هما متكاملتان , أو على الأصح متلازمتان تلازم الشرط مع المشروط. ذلك لأنه من الحقائق البديهية في عالم اليوم أن نجاح أي بلد من البلدان النامية منها أو التي هي في طريق النمو , نجاحها في الحفاظ على الهوية والدفاع عن الخصوصية , مشروط أكثر من أي وقت مضى بمدى عمق عملية التحديث الجارية في هذا البلد , عملية الإنخراط الواعي , النامي والمتجذر , في عصر العلم والتقانة , إن القانون الذي يحكم عالم اليوم هو قانون المنافسة , قانون السعي إلى تقوية نفوذ (الأنا) ومقاومة نفوذ الآخر المنافس وإضعاف لشخصية الآخر , والوسيلة في كل ذلك واحدة : أعتماد الإمكانيات اللامحدودة التي أصبح يوفرها العلم والتقانة على المستويين المادي والفكري , وهذا ما نلمسه بوضوح في تخطيطات الدول الأوروبية التي يدق في كثير منها ناقوس خطر الغزو الأمريكي الإعلامي الثقافي الذي يتهددها في لغتها وسلوك ابنائها وتصوراتهم الجمعية , والذي يوظف أرقى وسائل العلم والتقانة – ومنها الأقمار الصناعية- في اكتساح مختلف الحقول المعرفية والخصوصيات الثقافية على صعيد عالمي , وهكذا لم تعد التخطيطات في هذه البلدان الأوروبية ,تقتصر على الإسقاطات , أي على العمل على تغطية حاجات التطورات المقبلة التي تحتسب انطلاقا من معطيات الحاضر , بل إنها أخذت الآن تعمل على إعادة هيكلة المؤسسات الإقتصادية , وتحديث المعاهد العلمية والتقانية بالصورة التي تمكنها من الصمود أمام الآخر المكتسح والدخول معه ثانية في حلبة التنافس على الآخرين المتخلفين عن الركب . لنكتف هنا في إطار التماس الجواب عن هذا السؤال , بالتأكيد على الحقائق الثلاث التالية : الأولى هي أن التخطيط للمستقبل جزء من عملية صنع المستقبل , والمستقبل في العالم المعاصر هو للمجموعات المتكتلة المتحدة وليس للطوائف ولا الجماعات ولا للشعوب والأمم المجزأة الضعيفة والمستضعفة , والثانية هي أن التخطيط لثقافة المستقبل وفي الوطن العربي بالذات , لا معنى له ولا شئ يضمن له النجاح , إذا لم يكن جزءا من التخطيط للثقافة العربية ككل , ثقافة الماضي والحاضر والمستقبل , تخطيطا يعتمد النظرة العلمية النقدية ويستهدف إعادة ترتيب العلاقات داخل ثقافة الماضي والحاضر في الوقت نفسه الذي يعمل فيه على بناء علاقات متينة بين خصوصيتنا الثقافية وعمومية عطاءات وأفاعيل العلم والتقانة ...وتبقى الحقيقة الثالثة وهي أن إمكانيات الوطن العربي وقدرته ككل , المادية والفكرية من جهة والإنفتاح مع القابلية الهائلة للتطور اللذين يطبعان الثقافة العربية من جهة أخرى , يجعلان قضية مستقبل هذه الثقافة قضية إرادة قبل كل شئ , إرادة المثقفين أولا وبالذات , وإذا فمستقبل الثقافة العربية يتوقف أولا وقبل كل شئ على مدى امتلاك المثقفين لإرادتهم , على مدى استقلالهم ومدى حرصهم , بل تفانيهم في الحفاظ لأنفسهم على موقعهم الطبيعي , الموقع الذي يقع خارج السلطة المستبدة وينير الطريق للقوى الشعبية. | |
|