هل حالتنا النفسية تحدد جميع قراراتنا و أفعالنا؟

هل حالتنا النفسية تحدد جميع قراراتنا وأفعالنا؟
السؤال الذي يتعلق
بالحتمية النفسية هو عما إذا كانت حالاتنا النفسية كافية سببيا لأن تحدد
جميع أفعالنا الطوعية , هل حالاتنا النفسية بشكل المعتقدات والرغبات
والآمال والمخاوف , وأيضا إدراكنا للواجبات والإلتزامات ...إلخ , كافية
سببيا لأن تحدد جميع قراراتنا وأفعالنا . لاحظ , أنظر إلى هذا السؤال
كسؤال واقعي , تجريبي تماما
الشئ الأول الذي يجب ملاحظته هو أن تفهمنا لهذه التصورات يرتكز على
إدراكات مغايرة بين الحالات التي فيها نحن لسنا خاضعين إلى إلتزامات كهذه .
المدمن على المخدرات والكحول وأنواع أخرى من الإلزام لا يتمتعون بالحرية
النفسية , إذا هم فعلا يعانون من الحالات النفسية المذكورة فإنهم لا
يستطيعون السيطرة على أنفسهم وهكذا نتساءل : هل جميع الأسباب النفسية
شبيهة بهذا السبب؟ هل قراري لأن أصوت للمرشح الجمهوري تماما كالسلوك
الإلزامي للمدمن على المخدرات الناجم عن الإدمان ؟
حسنا دعونا ندافع بقدر الإمكان عن ادعاء الحتمي , يوجد الكثير من التجارب
التي تبين أننا غالبا في حالات فيها نظن أننا نسلك بحرية نفسية بينما في
الواقع سلوكنا محدد , ربما أبرز هذه الحالات حالات التنويم المغناطيسي و
في تجربة تنويم مغناطيسي نموذجية (وهذه الحالة فعلا أجريت) طلب من الفاعل
, بعد خروجه من حالة التنويم المغناطيسي أن يذهب إلى النافذة ويفتحها
حالما يسمع كلمة ألمانيا , في هذه التجربة حالما سمع الفاعل كلمة ألمانيا
أبتكر الفاعل سببا له رنة عقلانية كاملة لفتح النافذة , قال شيئا على
النحو التالي : (الهواء في هذا المكان فاسد جدا نحن بحاجة إلى بعض الهواء
النقي , هل لديكم أي مانع إذا فتحت النافذة ؟) بالنسبة إليه , بدا إليه أن
فعله كان حرا تماما , ولكن لدينا سببا جيدا للأعتقاد أنه كان محددا لأسباب
لم يكن على وعي بها , وهكذا في هذه الحالة كانت الفجوة وهما , كان يتوهم
أنه كان يقوم بفعل حر , ولكن في الواقع كان سلوكه محدد كليا , والآن
سؤالنا هو : هل من المعقول أن نفترض أن جميع أفعالنا شبيهة بهذا الفعل ؟
حسنا , إن هذا الإدعاء واقعي ولايمكن الإجابة عليه بالتأمل الفلسفي , لكن
لايبدو من المحتمل أننا نقوم بجميع أفعالنا وفقا لنموذج المدمن على
المخدرات والشخص الذي يخرج من جلسة تنويم مغناطيسي , إذا قررت الآن ماذا
سأتغدى أو أين سأقضي ما بعد الظهر فإن الأسباب النفسية التي تؤثر علي
تختلف كليا عن الأسباب النفسية التي تؤثر على المدمن أو الفاعل الذي مر
بتجربة التنويم المغناطيسي , الشخص في جلسة التنويم المغناطيسي يعمل في
فجوة و ولكنه لا يدرك جميع دوافعه , يمتلك دفاعا طاغيا غير واع به على
الإطلاق , الواقع أنه يقوم بتجربة فعل حر , من الناحية النفسية , ولكن
دافعه الطاغي غير واع , الحرية الكاملة تتطلب إدراك المرء لدوافعه التي
يفتقر إليها الفاعل بهذه الحالة هذا يختلف عن المدمن الذي يعرف تماما أنه
في قبضة الإدمان ورغم ذلك يسلك كمدمن.
توجد الكثير من التجارب شبيهه بتجارب التنويم المغناطيسي و التي فيها
تختبر الناس الفجوة , ولكن لدينا أسبابا مستقلة للأعتقاد أنهم ليسوا
احرارا , كثير من العلماء يظنون أن هذه التجارب تدعم الفرضية القائلة إن
جميع أفعالنا محددة نفسيا , ولكنني أعتقد أنها تدعم الفرضية المعارضة ,
نحن نتفهم جميع الحالات , التنويم المغناطيسي والخداع والتسامر ..إلخ.
بمغايرتها مع الحالة المألوفة التي تمارس فيها حرية الفعل الطوعي ,
الحالات التي فيها الفجوة وهمية هي بالضبط حالات تختلف بطرق معينة مهمة عن
الحالات المألوفة من الأفعال الطوعية , وبهذا أظن أنها لا تؤسس بحد ذاتها
الحتمية النفسية , دعوني أكرر , هذا سؤال واقعي تجريبي , لايمكن حله
بالحجج الفلسفية فقط , بغض النظر عما إذا كانت جميع أفعالنا محددة نفسيا ,
النقطة التي أسلط الضوء عليها الآن تقول إن التجارب التي هي بمتناول اليد
تدعم الرأي الذي يقول أننا نمتلك حرية نفسية , حتى الحالات التي تغيب عنها
الحرية النفسية تفهم بصورة مغايرة عن الحالات التي توجد فيها حرية نفسية .