رياضة الجسم ورياضة العقل
عندما نوفر الفرص المتكررة لعقولنا للتدرب على الأنشطة العقلية المختلفة التي تثير حالة من
التحدي والإستثارة الذهنية بفضل تنمية القدرات العقلية , مثل التدرب على التصور , ووضع
الإفتراضات , والقيام بالعمليات الحسابية , وحث القدرة على التذكر , وما إلى ذلك , فكما تحتاج
العضلات إلى الرياضة لتقوي وتنشط , فإن المخ كذلك في حاجة للترويض.
وإذا كانت رياضة العضلات تكون بممارسة الأنشطة , مثل السباحة ولعب الكرات , وما إلى ذلك
من الأنشطة التي تجعل العضلات تنقبض وتنبسط بإنتظام , فإن رياضة العقل تكون بالبحث على
التفكير , كنوع من الرحلة الداخلية من الإفتراض إلى الإعتقاد أو من التساؤل إلى الوضوح , أو من
السؤال إلى الإجابة , أو من حالة عقلية إلى حالة أخرى أكثر نشاطا واستجابة .
إن كلمة تمرين تعني بوجه عام الأداء الفعال بغرض زيادة المهارة , ويمكن اعتبار أي مهمة تطلب
وجود انتباه نشط مثل تصور لغز ومحاولة حله , أو بحث مشكلة ما بمجال العمل , أو مجرد تجميع
الأفكار في وضع الإسترخاء نوعا من التمرين العقلي .
ولاشك أن الأهم ممارسة حل المشكلات , فكلما أعددنا العقل على مهمة لبحثها زادت قدرته على
أن يعمل , وبالتالي تحويل الطاقة العقلية إلى أفكار بناءة تعطينا الإحساس بالقدرة على التفكير
الصائب , والوصول إلى النتائج الجديدة.
ولابد من مشاركة الأحاسيس في التخيل , وقد أثبتت الدراسات أن أقوى أنواع التخيل أو رسم
الصور الذهنية المتجه للمستقبل , يتعمق بدرجة مشاركة الأحاسيس بدرجة فعالة قوية , كما أن
القدرة على إستخدام الحواس يرتبط بما يمارسه الفرد .
وليس هناك ما هو أهم من القدرة على التركيز والإنتباه للتمتع باللياقة الذهنية والعقلية , وعلى الفرد
أن يواجه تفكيره لأهمية التذكر حتى يستطيع أن يتذكر .
ومن خصائص التذكر عند الإنسان أنه يكون قويا متى كانت المعلومات المعروضة علينا توافق
إهتمامنا , بينما يكون ضعيفا محدودا عندما تخلو المعلومات من أهمية , أو إستمتاع يحقق لنا
فالناس تميل دائما لتذكر ومعالجة ما يهمها ويستهويها .
ويجب أن لا ننسى أن العمليات العقلية المعرفية والذهنية تحتاج للراحة حتى تعود لنشاطها وقوتها ,
فلابد من حالة الإسترخاء وهذه الحالة تجعل الحواس أكثر حدة وقوة , والأفكار الأكثر هدوءا
والعقل أكثر انتعاشا ويقظة , وذلك بالتوقف على التفكير وترك القضية الذهنية لعمل اللاشعور
لمعالجتها .
ويجب أن نؤكد على دور التغذية المتوازنة لصحة الجسم , لأن سلامة العقل في سلامة الجسم ,
والتخلص من الإكثار من المنبهات وجميع العوائق التي تحدث إضطراب في النشاط الذهني
والتفكير.