THF Admin
عدد الرسائل : 4613 تاريخ الميلاد : 11/10/1984 العمر : 39 البلد و المدينة : Algeria - Bouira - Palistro العمل/الترفيه : Maintenance system informatique - MSI المزاج : في قمة السعادة السٌّمعَة : 5 نقاط : 2147483647 تاريخ التسجيل : 16/08/2008
| موضوع: ضمير الغائب/ سعاد حلمي الأحد يوليو 25, 2010 2:11 am | |
| ضمير الغائب/ سعاد حلمي كنتِ شديدة الانبهار بوالدي.. محام لامع لشهرته دوي كبير، وشاء لي القدر أن أكون ابنته الوحيدة.. حاولت جهدي أن أكون عند حسن ظنّه بي، وأعترف بأنّني في أغلب الأحيان كنت أخذله.. وكان هو يضيق بذلك ويتألم له.. لماذا وقد أتاح لي كلّ الفرص؟ وكانت ثورته الكبرى يوم ظهرت نتيجة الثانوية العامة بنجاحي بالكاد.. لم أحزن لفشلي قدر حزني على أنني خذلته، فقد عاش يحلم بمستقبلي كطبيبة.. كالعادة دار النقاش بين الوالدين بالقسم الأدبي.. البنت ميولها أدبية وفنية، وقال أبي: أنت دللتها أكثر من اللازم.. قالت أُمّي: أرفض صياغة فكرها.. قال هو: أنا لهم أرغمها.. قالت هي.. وقال هو.. وأنا دائماً ضمير الغائب.. عشت بمرارة أنّني خذلت أبي والتحقت بجامعة خاصة.. وظهر الدكتور رشيد في حياتي.. دعاه أبي إلى العشاء ودهشت أُمّي لأنّه لم يكن يدعو غرباء إلى بيتنا.. اتضح أنّه عريس.. من جديد دار النقاش الحاد بين الوالدين.. ودائماً أنا ضمير الغائب.. رحب أبي.. واعترضت أُمّي.. وطبعاً انحزت لرأي أبي.. أعلنت موافقتي.. أصبحت زوجة للدكتور رشيد.. انتقلت إلى بيته وإلى حمايته.. بعد عام بدأت أحس بإعراض زوجي عني.. كنت في فزع.. لا أريد فشلاً جديداً.. لا أريد أن أخذل أبي، حتى حينما وصلتني الشائعات عن علاقة زوجي بأخرى تجاهلت.. أقنعت نفسي بأنّها نزوة وسيضيق منها.. لكن رشيد ترك التلميح إلى التصريح.. قال: عجزت عن لعب دور في حياتي.. الأخرى طبيبة تعمل معي في المستشفى، عدت إلى بيت والدي مطلقة أجر أذيال الفشل.. قال أبي بغضب: الفشل دائماً في ركابك. قالت أُمّي: كل شخص يمر بمراحل فشل لكن ذلك لا يعني أبداً اليأس. من جديد قال هو.. وقالت هي.. ومن جديد أنا ضمير الغائب.. حاولت أُمّي بعد ذلك أن تضمني إلى عالمها.. النادي والسينما وحضور معارض الرسم.. قاومت في البداية ثمّ اتّخذت قراراً.. أي والله.. لأوّل مرّة أتّخذ قراراً.. الالتحاق بالقسم الحر في أحد المعاهد الفنية.. ثار أبي.. قلت متصدية لأوّل مرّة في حياتي: هذه رغبتي.. كنت في أعماقي أرتجف خوفاً من غضبه وأرتجف أكثر من احتمال خضوعي.. حمداً لله لأوّل مرّة أتمسك برأيي.. شعرت في البداية بالخوف.. بأنّني على وشك فشل جديد.. بأنّني بلا موهبة.. وكان الأستاذ عصام أكثر من أخشى إذ كان يبدو لاذعاً في انتقاداته.. فوجئت بأنّه اختارني للإشراف على معرض يقيمه المعهد.. أقبلت على المهمة بجد ونشاط.. أحاسيس جديدة ساورتني.. كنت قلقة لكنني كنت سعيدة.. نجح المعرض باعتراف الأساتذة.. قال الدكتور عصام: توقعت ذلك النجاح منذ رشحتك للمهمة. سألته: لماذا رشحتني؟ رد: ثقة بك.. أردت أن أثبت لكِ أنك قادرة على إثبات موهبتكِ.. عدت ذلك اليوم إلى البيت يملأني الزهو.. عدت إنسانة جديدة.. موقف زملائي وكلمات الدكتور عصام كلّ ذلك أحدث زلزالاً في أعماقي.. ووجدت الوالدين كالعادة يتجادلان.. أبي وأُمّي.. هو وهي.. وأنا ضمير الغائب.. قال أبي: الدكتور رشيد اتصل بيّ.. هو نادم على تهوره في اتّخاذ قرار الطلاق.. يؤكّد أنّ الأخرى كانت مجرّد نزوة. همت أُمّي أن تدافع، لكنّي شعرت بقوة غريبة تحفزني.. لا.. لن أدع مخلوقاً يدافع عني بعد الآن.. قلت: آسفة يا أبي.. لا أريد العودة إلى رشيد.. كان بالفعل اختياراً خاطئاً.. فغر أبي فاه.. وجدني لأوّل مرّة أتصدى لرغباته.. صاح: أنتِ مجنونة.. قلت: بل لأوّل مرّة أعرف مصلحتي وأعرف طريقي.. تعاملت معك دائماً بدافع الخوف وليس بوحي الحب، لذلك كنت أخضع ولا أقتنع. نظرت إليَّ أُمّي وكانت تبتسم رغم بريق الدموع في عينيها.. حاولت كثيراً إنقاذي من ضعفي وكنت أخذلها المرة تلو الآخرى.. حتى ظهر عصام في حياتي وأعطاني الثقة.. ولاحت صورته في خيالي.. وخفق قلبي لأوّل مرّة. | |
|